قال فيليب كاريه الرئيس العالمي للاتصال في قطاع الأسواق المالية لدى صن غارد، إن عملية الدمج بين الأسواق الإماراتية دبييمكن أن تستغرق عاماً واحداً فقط، إذا سارت الأمور على النحو المطلوب، مشيراً إلى أن خضوع جميع البورصات الإماراتية لإشراف جهة تنظيمية واحدة، هي هيئة الأوراق المالية والسلع، يجعل الاندماج المحتمل أسهل، ولا يستغرق الكثير من الوقت.
وأكد في تصريح لـ «البيان الاقتصادي» أن وجود 3 أسواق مالية في الدولة، يزيد من صعوبة فهم ومتابعة الشركات، الأمر الذي يستوجب الإسراع بعملية الدمج بينها في منصة واحدة، تعزز من تنافسيتها، خاصة بعد ترقيتها ضمن مؤشرات مورجان ستنالي العام الماضي.
وأوضح أن وجود «بورصة الإمارات» – في حال إنشائها، يسهم في تسهيل الاكتتابات الأولية للشركات، بدلاً من قيام كل سوق مالي بمنافسة الأخرى، كما أنه يشجع الاكتتابات المحلية لشركات المنطقة، بدلاً من الاتجاه إلى إدراجها في الخارج.
ترقية الأسواق
وقال كاريه إن ترقية أسواق المال الإماراتية إلى «أسواق ناشئة»، ضمن مؤشر MSCI، ساهم في خلق فرص جديدة للبورصات الإماراتية، التي باتت أكثر جاذبية للمؤسسات المالية العالمية. فقد أصبحت الجهات الاستثمارية تدرك الفرص المتاحة التي يوفرها السوق، ولكن لكل شيء ثمن، وثمن هذه الخطوة ازدياد المسؤوليات الملقاة على عاتق أسواق الأسهم الإماراتية.
حيث ترى الجهات الاستثمارية العالمية أن وجود ثلاث بورصات صغيرة نسبياً في سوق الإمارات، يزيد من صعوبة فهم ومتابعة الشركات، وبالتالي، يترددون بالدخول إلى أسواق الأسهم المحلية.
ولهذا السبب، فإن دمج الأسواق الإماراتية الثلاثة – سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية وناسداك دبي – في منصة واحدة، يمكن أن يجذب مستثمرين جدداً، ويخفض من التكلفة الإجمالية للاستثمار، ويبسّط في الوقت نفسه من إجراءات «المكتب الخلفي» المتعلقة بالمقاصات والتسويات الخاصة بالمستثمرين.
إمكانية الدمج
وشدد على أن الدمج ممكن من الناحية الفنية، وهناك سيناريوهان محتملان: إما دمج بورصة واحدة (أو اثنتين) مع البورصة الثالثة، واستخدام منصتها الحالية، أو دمج ثلاث بورصات في منصة واحدة جديدة. يعتمد ذلك على التقنية المعتمدة، والجهات التي تقود السوق الجديدة.
وأوضح: نعلم أن سوق دبي المالي يستضيف ناسداك دبي، إلا أنه من وجهة النظر التقنية، قد يكون من الأفضل اندماج سوق أبوظبي للأوراق المالية في سوق دبي المالي، فمن شأن هذا الأمر، أن يسرّع من عملية الدمج ويخفّض التكاليف. وقال فيليب، يمكن أن يستغرق إنجاز هذا المشروع بكامله عاماً واحداً، إذا سارت الأمور على النحو المطلوب. ولكن التحدي الأكبر، يكمن في إجراءات المكتب الخلفي والعمليات المرتبطة بالمستثمرين في كل سوق، أي بمعنى آخر، دمج التسويات والمقاصات الخاصة بالأسهم المتداولة في منصة واحدة.
الناحية القانونية
من الناحية القانونية، يعتبر الأمر أقل صعوبة، مقارنة باندماجات مماثلة جرى تنفيذها في أماكن أخرى من العالم، باعتبار أن جميع البورصات الإماراتية تخضع لإشراف جهة تنظيمية واحدة، هي هيئة الأوراق المالية والسلع. وهذا يجعل الاندماج المحتمل أسهل، ولا يستغرق الكثير من الوقت. وأشار إلى أن كلّاً من سوقي دبي المالي أبوظبي للأوراق المالية، يعتمدان تقنية مشابهة، يوفرها مزود التقنية «ناسداك»، الأمر الذي يسهّل أي اندماج محتمل.
أمثلة ونماذج
لا تعتبر عملية اندماج عدة أسواق مالية إقليمية أمراً جديداً، ولا حتى اندماج عدة أسواق مالية محلية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك، هو «مجموعة بورصة اليابان» التي تأسست في يناير 2013، عقب اندماج بورصة طوكيو وبورصة أوساكا. وشكّل الكيان الجديد «مجموعة بورصة اليابان»، مثالاً ناجحاً وفعالاً، وبات من أكثر أسواق المال المفضلة في آسيا، بعدما أصبح ثالث أكبر بورصة في العالم.
وهناك مثال آخر، هو بورصة إسطنبول، والتي نشأت عن اندماج سوق إسطنبول للأوراق المالية، وبورصة إسطنبول للذهب، وبورصة المشتقات المالية التركية في أبريل 2013. حيث ساهم الكيان الجديد بخلق منصة أكثر شفافية وتنافسية لأسواق رأس المال في تركيا، وعزز من قدرة السوق التركية على استقطاب المزيد من الاستثمارات، وفق المعايير التي تخضع لها أسواق المال في الاتحاد الأوروبي. وهناك مثال آخر جيد، هو «بورصة موسكو» التي تأسست عقب اندماج بورصة العملات المصرفية في موسكو، والنظام الروسي للتداول.
وأوضح كاريه في هذا الإطار: شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية تحالفات مماثلة في مناطق أخرى من العالم، منها مجموعة آسيان للأوراق المالية في جنوب شرق آسيا، وميلا (ميركادو إنتغرادو لاتينو أميركانو) في أميركا اللاتينية، التي عملت فيها «صن غارد» على توحيد التقنيات المعتمدة، وإنشاء روابط مشتركة للتداول.
ساهمت الاندماجات في إتاحة المجال أمام المستثمرين لعبور الحدود والوصول إلى أسواق عديدة من خلال منصة واحدة.
واستفادت البورصات التي نشأت عن اندماج كيانات متعددة بدرجات متفاوتة في تحقيق معدلات أداء أفضل، وتعزيز قدرتها.