عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2012, 02:06 PM   المشاركة رقم: 8
الكاتب
الشيخ غريب
عضو جديد
الصورة الرمزية الشيخ غريب

البيانات
تاريخ التسجيل: May 2012
رقم العضوية: 9763
العمر: 65
المشاركات: 135
بمعدل : 0.03 يوميا

الإتصالات
الحالة:
الشيخ غريب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشيخ غريب المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

*** سيرة " محمد بن خوارزم " وماقيل عنه :-
- عندما تقرأ سيرة " محمد بن خوارزم " تجد أنك أمام رجل من عظماء المسلمين ؛ فإذا راجعت حياته الأخيرة وخاتمته تبين لك غير ذلك ؛ فيقول ابن الأثير في ذكر سيرته " وكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وشهوراً تقريباً ؛ وأتسع ملكه وعظم محله وأطاعه العالم بأسره وملك من حد العراق إلى تركمنستان ( في الصين حالياً ) وملك بلاد غزنة ( في أفغانستان حالياً ) وبعض الهند وسجستان وكرمان ( في باكستان حالياً ) وطبرستان وجرجان وبلاد الجبال وخرسان وبعض فارس ( في إيران حالياً ) .
من هذه الفقرة يتبين لنا أنه كان عظيماً في ملكه فأستقر له الوضع في بلاد كبيرة مدة طويلة ؛ ومن هنا يظهر حسن إدارته لبلاده ؛ حتى أن ابن الأثير يقول " وكان صبوراً على التعب غير متنعم ولا مقبل على اللذات إنما همه في الملك وتدبيره وحفظه وحفظ رعاياه " ؛ وعندما تحدث عن حياته العلمية الشخصية قال " وكان فاضلاً عالماً بالفقة والحديث وغيرهما وكان مكرماً للعلماء محباً لهم محسناً إليهم وكان معظماً لأهل الدين مقبلاً عليهم متبركاً بهم " .
ويقول ابن الأثير في نص آخر يفسر بوضوح سبب هذه الهزائم المتتالية والفرار الذي وقع على ذلك الإمام الفاضل فيقول " وكان محمد بن خوارزم وقد استولى على البلاد وقتل ملوكها وأفناهم وبقي هو وحده سلطان البلاد جميعها فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من يمنعهم ولا من يحميه " فكان هذا هو السر في حياه هذا الرجل العالِم الذي اتسع سلطانه وذاع سيطه ثم مات في جزيرة في عمق البحر هرباً من التتار .
*** ماذا فعلت الفرقة التترية بعد هروب محمد بن خوارزم ؟
كانت المسافة بين الفرقة التترية وبين القوى الرئيسية لجنكيز خان تزيد على 650كم ؛ ودبت الهزيمة النفسية في قلوب المسلمين فقبلوا أن يبقوا في قراهم ينتظرون الموت على يد الفرقة التترية ؛ فألقى الله الرعب في قلوبهم حتى كان المئة من المسلمين لا يقدرون على تترى واحد .
_________________________________
** سقوط " مازن دران " :-
عادت الفرقة التترية من شاطئ بحر قزوين إلى بلاد " مازن دران " فملكوها في أسرع وقت مع حصانتها وصعوبة الدخول إليها وامتناع قلاعها وهي من أشد بلاد المسلمين قوة ؛حتى أن المسلمين عندما ملكوا بلاد الأكاسرة ماستطاعوا أن يدخلوا " مازن دران " وذلك في زمان " عمر بن الخطاب " ولم تٌدخل إلا في زمان " سليمان بن عبد الملك " ؛ لكن التتار دخلوها بسرعة عجيبة لا لقوتهم وإنما لضعف نفوس أهلها ؛ وعندما دخلوها فعلوا بأهلها الأفاعيل من قتل وتعذيب وسبي ونهب وأحرقوا البلاد والعباد .
** سقوط " الري " :-
اتجهت الفرقة التترية من " مازن دران " بعد أن ملكوها إلى مدينة " الري " ؛ وهم في طريقهم إلى " الري " وجدوا والده " محمد بن خوارزم " وزوجاته ومعهم الأموال الكثيرة والذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها من قبل فأخذوا كل ذلك سبياً وغنية وأرسلوهم إلى جنكيز خان في " سمر قند " ثم وصلوا إلى " الري " فملكوها ونهبوها وسبوا الحريم واسترقوا الأطفال وفعلوا بها الويلات ؛ثم فعلوا مثل ذلك في القرى والمدن المحيطة بالمدينة ؛ فدخلوا على سبيل المثال مدينة " قزوين " فقتلوا من المسلمين فيها أربعون ألفاً والفرقة التترية لا تتجاوز العشرين ألف .
** سقوط " تبريز " :-
اتجهت الفرقة التترية الصغيرة من مدينة " الري " إلى غرب بحر قزوين عند إقليم " أذربيجان" المسلم فمر التتار في طريقهم على مدينة " تبريز " وهي مدينة من مدن الإقليم ؛ فقرر حاكم المدينة المسلم ويدعى " أوزبك بن البهلوان " أن يصاح التتار على الأموال والثياب والدواب ولم يفكر مطلقاً في حربهم لأنه كان لا يفيق من شرب الخمر ليلاً أو نهاراً ؛ ورضي التتار بذلك لأن الشتاء القارس قد دخل على تلك المنطقة وهذه المدينة في منطقة باردة جداً .
** سقوط " أرمينيا وجورجيا " النصرانيتين :-
ترك التتار " تبريز " ولكن إلى أجل واتجهوا إلى الساحل الغربي لبحر قزوين ؛ وبدأو في اجتياح الناحية الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال ؛ وفي طريقهم اجتاحوا كلاً من " أرمينيا " و" جورجيا " فمملكة " أرمينيا " يسكنها الكثير من النصارى ؛ومملكة " جورجيا " يتجمع بها قبائل الكرج وهي قبائل نصرانية ووثنية ؛ فحدث قتال بين التتار وبين مملكتي أرمينيا وجورجيا وانتهى القتال بهزيمة المملكتين واجتياح التتار لهذه البلاد وضمها إلى أملاكهم .
*** ماذا كان يفعل " جنكيز خان " في " سمر قند " :-
بعد أن اطمئن جنكيز خان إلى هروب " محمد بن خوارزم " زعيم البلاد بدأ يبسط سيطرته على المناطق المحيطة ب " سمر قند " ؛ فوجد أن أعظم الأقاليم وأقواها في هذه المناطق هم إقليمي " خوارزم و خرسان " ؛ فإقليم " خرسان " هو إقليم شاسع به مدن كبيرة من أشهرها مدن " بلخ – مرو – نيسابور – هراه – غزنه " وهو يقع الآن في شرق إيران وشمال أفغانستان ؛ أما إقليم " خوارزم " فهو الإقليم الذي كان نواة الدولة الخوارزمية اشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية والمواهب القتالية وهو يقع إلى الشمال الغربي من " سمر قند " ويمر به نهر " جيحون " وهو يقع الآن في دولتي " أوزبكستان وتركمانستان " ؛ فأراد جنكيز خان القيام بحرب معنوية تؤثر على نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة ؛ فقرر البدأ بعمليات إباده وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في هاذين الإقليمين الكبيرين فأخرج من جيشه ثلاث فرق :
الفرقة الأولى :لتدمير إقليم " فرغانه " وهو يقع في أوزبكستان حالياً على بعُد حوالي 500كم – شرق " سمر قند " .
الفرقة الثانية : لتدمير مدينة " ترمز " وهي مدينة الإمام الترمزى – رحمه الله – وتبعُد حوالي 100كم – جنوب " سمر قند " .
الفرقة الثالثة :لتدمير قلعة " قلادة " وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر " جيحون " .
فقامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيز خان ؛ فاستولت على كل هذه المناطق وقامت فيها بالقتل والأسر والسبي وانهب والتخريب ؛ فوصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب المحيطة فعمت الرهبة في أرجاء المنطقة ؛ وعندما عادت الفرق الثلاث من مهمتها بدأ جنكيز خان يعد للمهمة التالية وهي اجتياح إقليمي " خرسان وخوارزم "
أولاً : اجتياح إقليم " خرسان " :-
*** سقوط " بلخ " :-
مدينة " بلخ " تقع في شمال أفغانستان حالياً ؛ وحدث فيها أمر هام فهذه المدينة تقع جنوب مدينة " ترمز " التي دمرتها الفرقة التترية ؛ فوصلت أخبار مدينة " ترمز " إلى أهل مدينة " بلخ" فأصيب الناس بالرعب الشديد من التتار ووصلت الجيوش التترية على أبواب مدينة " بلخ " فطلب أهلها منهم الأمان وعلى غير العادة قبل التتار أن يعطوهم الأمان الحقيقي ولم يتعرضوا لهم بالسب أو النهب أو القتل ؛ ولكن السبب في ذلك هو أن جنكيز خان أمر أهل " بلخ " أن يأتوا معه ليعاونوه في فتح مدينة مسلمة أخرى وهي مدينة " مرو " والغريب هو أن أهل " بلخ " أطاعوه وجاءوا معه لمحاربة أهل " مرو " والجميع من المسلمين ولكن الهزيمة النفسية جعلتهم ينصاعون لأوامر جنكيز خان ؛ وبذلك يكون جنكيز خان قد وفر قواته لمعارك أخرى وضرب المسلمين بعضهم ببعض .
______________________________________
*** سقوط " مرو " :-
خرج الجيش المسلم من " بلخ " مع الجيش التتري لفتح " مرو " وهي من أكبر المدن في ذلك الوقت وهي تقع حالياً في دولة " تركمانستان " المسلمة على بعد حوالي 250كم – شرق مدينة " بلخ " الأفغانية ؛ فسار إليها جيش كبير من التتار على رأسه بعض أبناء جنكيز خان ومعهم الجيش المسلم الذي خرج معهم من " بلخ " وعلى أبواب " مرو " وجد التتار أن المسلمين قد جمعوا لهم خارج المدينة جيشاً يزيد على مائتي ألف مسلم فدارت موقعة لرهيبة بين الطرفين على أبواب " مرو " ودارت الدائرة على المسلمين وأنطلق التتار يذبحون في الجيش المسلم حتى قتلوا معظمهم وأسروا الباقي ولم يسلم إلا القليل ونهبوا الأموال والأسلحة والدواب من الجيش ؛ ويعلق ابن الأثير على هذه الواقعة فيقول " فلما وصلت التتار إليهم التقوا واقتتلوا فصبر المسلمون ولكن التتار لا يعرفون الهزيمة " ؛ فهزم المسلمون وفتح الطريق إلى المدينة ذات الأسوار العظيمة ؛ وكان بها من السكان ما يزيد على سبعمائة ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال ؛ فحاصر التتار المدينة ودب الرعب في قلوب أهلها بعد أن فني جيشهم أمام أعينهم ؛ ولم يفتح أهل " مرو " الأبواب للتتار لمدة أربعة أيام ولكن في اليوم الخامس أرسل قائد التتار رسالة إلى قائد مدينة " مرو" يقول فيها " لا تهلك نفسك وأهل البلد وأخرج إلينا نجعلك أمير هذه البلد ونرحل عنها " ؛ فصدق أمير المدينة ما قاله القائد التتري وخرج إليه فاستقبله القائد التتري استقبالا حافلاً واحترمه وقربه ؛ ثم قال له أخرج لنا أصحابك والمقربين ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا فنعطيه العطايا ونقطع له الإقطاعيات ويكون معنا ؛فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه وكبار وزرائه وجنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيز خان ؛ فلما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم جميعاً وقيدوهم بالحبال ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين :
القائمة الأولى :تضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في المدينة .
القائمة الثانية :أسماء أصحاب الحرف والصناع المهرة .
ثم أمر بن جنكيز خان أن يأتي التتار بأهل المدينة أجمعين ؛ فخرج كل أهل المدينة حتى لم يعد بالمدينة أحد قط ؛ ثم جاءوا بكرسي من ذهب وجلس عليه ابن جنكيز خان وبدأ يصدر الأوامر :
أولاً : إخراج أصحاب الحرف والصناع المهرة وإرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم الصناعية هناك .
ثانياً :إخراج أصحاب الأموال وتعذيبهم حتى يخبروا عن كل أموالهم ؛ ففعلوا ذلك ومنهم من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لفداء نفسه .
ثالثاً :يأتوا بأمير البلاد وكبار القادة ورؤساء القوم فيقتلون جميعاً أمام عامة أهل المدينة.
رابعاً :دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثاً عن المتاع والذهب والفضة ؛ حتى إنهم نبشوا قبر السلطان " سنجر " أحد سلاطين خوارزم القدامى وأستمر هذا البحث لمدة ثلاثة أيام .
خامساً :أمر ابن جنكيز خان أن يقتل أهل البلد أجمعين فبدأوا يقتلون طل أهل " مرو " فقالوا أن المدينة عصت علينا وقاومت ومن قاوم فهذا مصيره ؛ ويقول ابن الأثير في ذكر ذلك " وأمر ابن جنكيز خان بعد أن قتلوا جميعاً أن يقوم التتار بإحصاء القتلى فكانوا نحواً من سبعمائة ألف قتيل" ففنيت مدينة " مرو " عن آخرها واختفى ذكرها من التاريخ .



التوقيع

  1. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ( الرعد -17)
  2. ولست بعلام لغيوب وإنما أرى بلحاظ الأمر ما هو واقع

عرض البوم صور الشيخ غريب  
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31-05-2012, 02:06 PM
الشيخ غريب الشيخ غريب غير متواجد حالياً
عضو جديد
افتراضي رد: التتار وحلم غزو العالم

*** سيرة " محمد بن خوارزم " وماقيل عنه :-
- عندما تقرأ سيرة " محمد بن خوارزم " تجد أنك أمام رجل من عظماء المسلمين ؛ فإذا راجعت حياته الأخيرة وخاتمته تبين لك غير ذلك ؛ فيقول ابن الأثير في ذكر سيرته " وكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وشهوراً تقريباً ؛ وأتسع ملكه وعظم محله وأطاعه العالم بأسره وملك من حد العراق إلى تركمنستان ( في الصين حالياً ) وملك بلاد غزنة ( في أفغانستان حالياً ) وبعض الهند وسجستان وكرمان ( في باكستان حالياً ) وطبرستان وجرجان وبلاد الجبال وخرسان وبعض فارس ( في إيران حالياً ) .
من هذه الفقرة يتبين لنا أنه كان عظيماً في ملكه فأستقر له الوضع في بلاد كبيرة مدة طويلة ؛ ومن هنا يظهر حسن إدارته لبلاده ؛ حتى أن ابن الأثير يقول " وكان صبوراً على التعب غير متنعم ولا مقبل على اللذات إنما همه في الملك وتدبيره وحفظه وحفظ رعاياه " ؛ وعندما تحدث عن حياته العلمية الشخصية قال " وكان فاضلاً عالماً بالفقة والحديث وغيرهما وكان مكرماً للعلماء محباً لهم محسناً إليهم وكان معظماً لأهل الدين مقبلاً عليهم متبركاً بهم " .
ويقول ابن الأثير في نص آخر يفسر بوضوح سبب هذه الهزائم المتتالية والفرار الذي وقع على ذلك الإمام الفاضل فيقول " وكان محمد بن خوارزم وقد استولى على البلاد وقتل ملوكها وأفناهم وبقي هو وحده سلطان البلاد جميعها فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من يمنعهم ولا من يحميه " فكان هذا هو السر في حياه هذا الرجل العالِم الذي اتسع سلطانه وذاع سيطه ثم مات في جزيرة في عمق البحر هرباً من التتار .
*** ماذا فعلت الفرقة التترية بعد هروب محمد بن خوارزم ؟
كانت المسافة بين الفرقة التترية وبين القوى الرئيسية لجنكيز خان تزيد على 650كم ؛ ودبت الهزيمة النفسية في قلوب المسلمين فقبلوا أن يبقوا في قراهم ينتظرون الموت على يد الفرقة التترية ؛ فألقى الله الرعب في قلوبهم حتى كان المئة من المسلمين لا يقدرون على تترى واحد .
_________________________________
** سقوط " مازن دران " :-
عادت الفرقة التترية من شاطئ بحر قزوين إلى بلاد " مازن دران " فملكوها في أسرع وقت مع حصانتها وصعوبة الدخول إليها وامتناع قلاعها وهي من أشد بلاد المسلمين قوة ؛حتى أن المسلمين عندما ملكوا بلاد الأكاسرة ماستطاعوا أن يدخلوا " مازن دران " وذلك في زمان " عمر بن الخطاب " ولم تٌدخل إلا في زمان " سليمان بن عبد الملك " ؛ لكن التتار دخلوها بسرعة عجيبة لا لقوتهم وإنما لضعف نفوس أهلها ؛ وعندما دخلوها فعلوا بأهلها الأفاعيل من قتل وتعذيب وسبي ونهب وأحرقوا البلاد والعباد .
** سقوط " الري " :-
اتجهت الفرقة التترية من " مازن دران " بعد أن ملكوها إلى مدينة " الري " ؛ وهم في طريقهم إلى " الري " وجدوا والده " محمد بن خوارزم " وزوجاته ومعهم الأموال الكثيرة والذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها من قبل فأخذوا كل ذلك سبياً وغنية وأرسلوهم إلى جنكيز خان في " سمر قند " ثم وصلوا إلى " الري " فملكوها ونهبوها وسبوا الحريم واسترقوا الأطفال وفعلوا بها الويلات ؛ثم فعلوا مثل ذلك في القرى والمدن المحيطة بالمدينة ؛ فدخلوا على سبيل المثال مدينة " قزوين " فقتلوا من المسلمين فيها أربعون ألفاً والفرقة التترية لا تتجاوز العشرين ألف .
** سقوط " تبريز " :-
اتجهت الفرقة التترية الصغيرة من مدينة " الري " إلى غرب بحر قزوين عند إقليم " أذربيجان" المسلم فمر التتار في طريقهم على مدينة " تبريز " وهي مدينة من مدن الإقليم ؛ فقرر حاكم المدينة المسلم ويدعى " أوزبك بن البهلوان " أن يصاح التتار على الأموال والثياب والدواب ولم يفكر مطلقاً في حربهم لأنه كان لا يفيق من شرب الخمر ليلاً أو نهاراً ؛ ورضي التتار بذلك لأن الشتاء القارس قد دخل على تلك المنطقة وهذه المدينة في منطقة باردة جداً .
** سقوط " أرمينيا وجورجيا " النصرانيتين :-
ترك التتار " تبريز " ولكن إلى أجل واتجهوا إلى الساحل الغربي لبحر قزوين ؛ وبدأو في اجتياح الناحية الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال ؛ وفي طريقهم اجتاحوا كلاً من " أرمينيا " و" جورجيا " فمملكة " أرمينيا " يسكنها الكثير من النصارى ؛ومملكة " جورجيا " يتجمع بها قبائل الكرج وهي قبائل نصرانية ووثنية ؛ فحدث قتال بين التتار وبين مملكتي أرمينيا وجورجيا وانتهى القتال بهزيمة المملكتين واجتياح التتار لهذه البلاد وضمها إلى أملاكهم .
*** ماذا كان يفعل " جنكيز خان " في " سمر قند " :-
بعد أن اطمئن جنكيز خان إلى هروب " محمد بن خوارزم " زعيم البلاد بدأ يبسط سيطرته على المناطق المحيطة ب " سمر قند " ؛ فوجد أن أعظم الأقاليم وأقواها في هذه المناطق هم إقليمي " خوارزم و خرسان " ؛ فإقليم " خرسان " هو إقليم شاسع به مدن كبيرة من أشهرها مدن " بلخ – مرو – نيسابور – هراه – غزنه " وهو يقع الآن في شرق إيران وشمال أفغانستان ؛ أما إقليم " خوارزم " فهو الإقليم الذي كان نواة الدولة الخوارزمية اشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية والمواهب القتالية وهو يقع إلى الشمال الغربي من " سمر قند " ويمر به نهر " جيحون " وهو يقع الآن في دولتي " أوزبكستان وتركمانستان " ؛ فأراد جنكيز خان القيام بحرب معنوية تؤثر على نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة ؛ فقرر البدأ بعمليات إباده وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في هاذين الإقليمين الكبيرين فأخرج من جيشه ثلاث فرق :
الفرقة الأولى :لتدمير إقليم " فرغانه " وهو يقع في أوزبكستان حالياً على بعُد حوالي 500كم – شرق " سمر قند " .
الفرقة الثانية : لتدمير مدينة " ترمز " وهي مدينة الإمام الترمزى – رحمه الله – وتبعُد حوالي 100كم – جنوب " سمر قند " .
الفرقة الثالثة :لتدمير قلعة " قلادة " وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر " جيحون " .
فقامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيز خان ؛ فاستولت على كل هذه المناطق وقامت فيها بالقتل والأسر والسبي وانهب والتخريب ؛ فوصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب المحيطة فعمت الرهبة في أرجاء المنطقة ؛ وعندما عادت الفرق الثلاث من مهمتها بدأ جنكيز خان يعد للمهمة التالية وهي اجتياح إقليمي " خرسان وخوارزم "
أولاً : اجتياح إقليم " خرسان " :-
*** سقوط " بلخ " :-
مدينة " بلخ " تقع في شمال أفغانستان حالياً ؛ وحدث فيها أمر هام فهذه المدينة تقع جنوب مدينة " ترمز " التي دمرتها الفرقة التترية ؛ فوصلت أخبار مدينة " ترمز " إلى أهل مدينة " بلخ" فأصيب الناس بالرعب الشديد من التتار ووصلت الجيوش التترية على أبواب مدينة " بلخ " فطلب أهلها منهم الأمان وعلى غير العادة قبل التتار أن يعطوهم الأمان الحقيقي ولم يتعرضوا لهم بالسب أو النهب أو القتل ؛ ولكن السبب في ذلك هو أن جنكيز خان أمر أهل " بلخ " أن يأتوا معه ليعاونوه في فتح مدينة مسلمة أخرى وهي مدينة " مرو " والغريب هو أن أهل " بلخ " أطاعوه وجاءوا معه لمحاربة أهل " مرو " والجميع من المسلمين ولكن الهزيمة النفسية جعلتهم ينصاعون لأوامر جنكيز خان ؛ وبذلك يكون جنكيز خان قد وفر قواته لمعارك أخرى وضرب المسلمين بعضهم ببعض .
______________________________________
*** سقوط " مرو " :-
خرج الجيش المسلم من " بلخ " مع الجيش التتري لفتح " مرو " وهي من أكبر المدن في ذلك الوقت وهي تقع حالياً في دولة " تركمانستان " المسلمة على بعد حوالي 250كم – شرق مدينة " بلخ " الأفغانية ؛ فسار إليها جيش كبير من التتار على رأسه بعض أبناء جنكيز خان ومعهم الجيش المسلم الذي خرج معهم من " بلخ " وعلى أبواب " مرو " وجد التتار أن المسلمين قد جمعوا لهم خارج المدينة جيشاً يزيد على مائتي ألف مسلم فدارت موقعة لرهيبة بين الطرفين على أبواب " مرو " ودارت الدائرة على المسلمين وأنطلق التتار يذبحون في الجيش المسلم حتى قتلوا معظمهم وأسروا الباقي ولم يسلم إلا القليل ونهبوا الأموال والأسلحة والدواب من الجيش ؛ ويعلق ابن الأثير على هذه الواقعة فيقول " فلما وصلت التتار إليهم التقوا واقتتلوا فصبر المسلمون ولكن التتار لا يعرفون الهزيمة " ؛ فهزم المسلمون وفتح الطريق إلى المدينة ذات الأسوار العظيمة ؛ وكان بها من السكان ما يزيد على سبعمائة ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال ؛ فحاصر التتار المدينة ودب الرعب في قلوب أهلها بعد أن فني جيشهم أمام أعينهم ؛ ولم يفتح أهل " مرو " الأبواب للتتار لمدة أربعة أيام ولكن في اليوم الخامس أرسل قائد التتار رسالة إلى قائد مدينة " مرو" يقول فيها " لا تهلك نفسك وأهل البلد وأخرج إلينا نجعلك أمير هذه البلد ونرحل عنها " ؛ فصدق أمير المدينة ما قاله القائد التتري وخرج إليه فاستقبله القائد التتري استقبالا حافلاً واحترمه وقربه ؛ ثم قال له أخرج لنا أصحابك والمقربين ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا فنعطيه العطايا ونقطع له الإقطاعيات ويكون معنا ؛فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه وكبار وزرائه وجنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيز خان ؛ فلما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم جميعاً وقيدوهم بالحبال ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين :
القائمة الأولى :تضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في المدينة .
القائمة الثانية :أسماء أصحاب الحرف والصناع المهرة .
ثم أمر بن جنكيز خان أن يأتي التتار بأهل المدينة أجمعين ؛ فخرج كل أهل المدينة حتى لم يعد بالمدينة أحد قط ؛ ثم جاءوا بكرسي من ذهب وجلس عليه ابن جنكيز خان وبدأ يصدر الأوامر :
أولاً : إخراج أصحاب الحرف والصناع المهرة وإرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم الصناعية هناك .
ثانياً :إخراج أصحاب الأموال وتعذيبهم حتى يخبروا عن كل أموالهم ؛ ففعلوا ذلك ومنهم من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لفداء نفسه .
ثالثاً :يأتوا بأمير البلاد وكبار القادة ورؤساء القوم فيقتلون جميعاً أمام عامة أهل المدينة.
رابعاً :دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثاً عن المتاع والذهب والفضة ؛ حتى إنهم نبشوا قبر السلطان " سنجر " أحد سلاطين خوارزم القدامى وأستمر هذا البحث لمدة ثلاثة أيام .
خامساً :أمر ابن جنكيز خان أن يقتل أهل البلد أجمعين فبدأوا يقتلون طل أهل " مرو " فقالوا أن المدينة عصت علينا وقاومت ومن قاوم فهذا مصيره ؛ ويقول ابن الأثير في ذكر ذلك " وأمر ابن جنكيز خان بعد أن قتلوا جميعاً أن يقوم التتار بإحصاء القتلى فكانوا نحواً من سبعمائة ألف قتيل" ففنيت مدينة " مرو " عن آخرها واختفى ذكرها من التاريخ .




رد مع اقتباس