عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-2014, 10:06 PM   المشاركة رقم: 9
الكاتب
snowwhite
عضو متميز
الصورة الرمزية snowwhite

البيانات
تاريخ التسجيل: Jul 2014
رقم العضوية: 20069
المشاركات: 902
بمعدل : 0.25 يوميا

الإتصالات
الحالة:
snowwhite غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : snowwhite المنتدى : منتدى الاخبار و التحليل الاساسى
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 8 : أكلاف ومخاطر التضخم




الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتضخم :
يترتب على التضخم آثاراً اقتصادية واجتماعية تقسم إلى نوعين ، الأكلاف الوهمية والمخاطر الحقيقية للتضخم .

الأكلاف الوهمية للتضخم :

· التضخم والوهم النقدي : إحدى الأكلاف الوهمية للتضخم تتمثل في التآكل التدريجي "المزعوم" لمستوى المعيشة الحقيقي ، إن هذا ببساطة غير صحيح .
إذن ما هو مصدر الاعتقاد الواسع الانتشار الذي يقول بانخفاض مستوى المعيشة Standard of Living بسبب التضخم ؟ الإجابة موجودة في ظاهرة يطلق عليها الاقتصاديون تسمية "الوهم النقدي" . إذ إن هناك ميل لقياس مستوى الرفاه الحقيقي بالكمية النقدية التي يجري الحصول عليها وليس بالقدرة الشرائية الحقيقية . فالوهم النقدي يؤدي إلى أكلاف نفسية ( سيكولوجية ) حادة في فترات التضخم لأن المداخيل الحقيقية هي أدنى بكثير من المداخيل الاسمية .

· الخاسرون غير الحقيقيون نتيجة التضخم : إن مستوى الرفاه Welfare لبعض الفئات الاجتماعية يتغير في أزمات التضخم ، و قد تم التأكد أن الخاسرين الأساسيين من التضخم هم أصحاب المداخيل الثابتة . ولكن أصحاب المداخيل المتصاعدة ليسوا خاسرين حقيقة وذلك لأن ارتفاع التضخم يتزامن مع ارتفاع مداخيلهم .

المخاطر الحقيقية للتضخم :

يمكن اختصار المخاطر الحقيقية للتضخم فيما يلي :
· يترتب على التضخم إضعاف ثقة الأفراد في العملة ، وإضعاف الحافز على الادخار . فإذا اتجهت قيمة النقود إلى التدهور المستمر تبدأ في فقدان وظيفتها كمستودع للقيمة ، وهنا يزيد تفضيل السلع على تفضيل النقود ، فيزيد ميل الأفراد إلى إنفاق النقود على الاستهلاك الحاضر وينخفض ميلهم للادخار ، وما يتبقى لديهم من أرصدة نقدية يتجهون إلى تحويلها إلى ذهب وعملات أجنبية مستقرة وإلى شراء سلع معمرة وعقارات .

· يترتب على التضخم اختلال ميزان المدفوعات بالاتجاه إلى خلق عجز به ، وذلك لزيادة الطلب على الاستيراد Imports وانخفاض حجم الصادرات Exports . فالزيادة التضخمية في الإنفاق القومي وبالتالي المداخيل النقدية يترتب عليها زيادة في الطلب ليس فقط على السلع المنتجة محلياً ، بل على المستوردة أيضاً . ولو كان الاستيراد طليقاً سوف يزيد حجمه وترتفع مدفوعاته ويعمل على امتصاص موارد الدولة من النقد الأجنبي . وأما إذا كان الاستيراد مقيداً فيقل ما يمكن تسربه من فائض القوة الشرائية إلى الخارج فيرتد إلى السوق المحلية ويزيد الطلب على السلع المنتجة محلياً ولا سيما تلك السلع البديلة للواردات ، فيشتد ارتفاع الأسعار .

ومن زاوية أخرى يضعف التضخم مقدرة البلاد على التصدير ، لأنه سوف يخفض من حجم السلع القابلة للتصدير لزيادة الحافز على توجيه جانب منها إلى السوق المحلية . هذا بالإضافة إلى أن التضخم يميل إلى رفع تكاليف إنتاج سلع التصدير ، مما يضعف من مركزها التنافسي في الأسواق الخارجية .

· يؤدي التضخم إلى توجيه رؤوس الأموال إلى فروع النشاط الاقتصادي التي لا تفيد التنمية في مراحلها الأولى ، فتتجه إلى إنتاج السلع التي ترتفع أسعارها باستمرار ، وهي عادة السلع الترفيهية Luxury Goods التي يطلبها أصحاب المداخيل العالية . وكذلك يتجه قسم هام من الأموال إلى تجارة الاستيراد والمضاربة Speculation التجارية وإلى بناء المنازل .

· يترتب على استمرار تصاعد الأسعار ارتباك في تنفيذ مشاريع التنمية بسبب استحالة تحديد تكاليف إنشاء المشاريع بصورة نهائية ترتفع عناصرها باستمرار خلال فترة تنفيذ المشاريع ، الأمر الذي يؤدي معه إلى عجز القطاعات في الحصول على الموارد اللازمة لإتمام مشاريعها ، وبالنتيجة يصبح التخطيط القومي أمراً غير ميسور .

· يشكل التضخم تهديداً للاستقرار النقدي ، فهو يثير انحرافات في هيكلية الإقراض ويؤثر على العلاقات بين المشاريع والمصارف . ففي فترات التضخم من الأجدى دائماً اللجوء إلى الاقتراض ، لأن التسديد سوف يتم بنقود أدنى قيمة ، وبذلك فإن المشاريع تسعى للاقتراض إلا أن المصارف تبدو متحفظة للأسباب ذاتها .

· يترتب على التضخم ظلم اجتماعي يحيق بأصحاب المداخيل الثابتة ، كأصحاب المعاشات وحملة السندات والذين تتخلف مداخيلهم النقدية عن اللحاق بتصاعد الأسعار ، في حين يستفيد أصحاب المداخيل المتغيرة من تجار ومنتجين .
· يعمق التضخم التفاوت في توزيع المداخيل Income والثروات ، ويخلق موجة من التوتر والتذمر الاجتماعي بدرجة تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي الضروري لدفع عجلة التنمية الاقتصادية .

· يشكل التضخم تهديداً لقيمة الأصول النقدية ، والتهديد بتآكل الأصول النقدية مرتبط بشكل وثيق بالتضخم الجامح والمريع . وهذه الأصول النقدية ، كحسابات الادخار Saving Accounts وبوالص التأمين Insurance وسندات الدين Bonds الحكومية وغيرها ، جميعها تتآكل من جراء التضخم . كذلك فإن قيمة الأسهم يطاولها التآكل أيضاً ، لكن هذه القيمة يمكن أن تتبدل إذا ما بشرت الآفاق البورصية بازدهار مستقبلي .

لقد تسببت التضخمات الجامحة والتضخمات المريعة بتبديد الأصول النقدية ، ففي ما بين عامي 1970 و1982 ارتفع رصيد حسابات الادخار والحسابات الصغيرة في الصناديق المشتركة للتوظيف في الولايات المتحدة من 184 مليار دولار إلى 670 مليار دولار ، كذلك فقد قفزت قيمة بوالص التأمين من 1400 مليار دولار إلى 3300 مليار دولار .

إن قيمة بعض الأصول ترتفع عادة مع التضخم كالأراضي والأعمال الفنية والتحف والمعادن ، وكل ما هو نادر ويقدر أن له قيمة دائمة . وأكثر التغطيات أهمية في مواجهة التضخم هو الذهب Gold ، وقد شهد الذهب اتجاهاً تصاعدياً حاداً لسعره ابتداء من بداية عام 2002 ، فارتفع السعر من 275 دولاراً للأونصة وصولاً إلى أكثر من 965 دولاراً ، وهو لا يزال مستمراً في الصعود .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يمنع التضخم من محاولة إدراك النمو ، فهو يقف حاجزاً أمام محاولة استخدام كامل الطاقة الإنتاجية بدافع الخوف من تحويل درجة معقولة من التضخم إلى تضخم غير مقبول أو خطر كبير على الفور . وبذلك فإن الكلفة الحقيقية للتضخم هي "البطالة المفروضة" ( ليس فقط البطالة التي تتأتى من معدلات الفائدة المرتفعة ومن انخفاض الاستثمار ، بل أيضاً البطالة التي تتسامح فيها أو تشجعها الحكومات عمداً من أجل تجنب تفاقم التضخم أو على أمل تخفيف من حدته ) .

وأكلاف البطالة مرتفعة بما فيه الكفاية ، لكنها لا تبدو أكثر ثقلاً من أخطار التضخم ، فأكلاف البطالة تتحملها أقلية في المجتمع ، في المقابل فإن الجميع يشعر بآثار التضخم . والحاجة لاستيعاب التضخم تعتبرها الحكومات شأناً أكثر إلحاحاً من الحاجة لمعالجة البطالة ( في ظل عدم وجود خوف من ركود اقتصادي ) . فالحكومات والناخبون هم جميعاً على استعداد لتقبل زيادة في معدلات البطالة مقابل تخفيض لمعدلات التضخم ، إلا أنهم ليسوا على استعداد لتقبل المزيد من التضخم مقابل تخفيض للبطالة .

· إن أهم أخطار التضخم يكمن في طبيعته التراكمية Accumulation ، فمتى تمكنت القوى التضخمية من النظام الاقتصادي تستفحل وتستشري بصورة تراكمية فيغدو التضخم لصيقاً بالاقتصاد القومي وسمة من سماته الأساسية ، فيؤثر على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بفعل سيطرته على قرارات رجال الأعمال وسلوك العمال ورجال الحكم .

ويمثل التضخم تهديداً بالميل نحو مزيد من التسارع ، وبالإمكان التمييز بين تسارع منتظم وغير منتظم للتضخم . والتضخم يمثل إنذاراً تتسارع وتيرته حتى تصبح النقود عديمة القيمة ويحدث الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الشامل ، لكن حتى وإن كانت التضخمات المريعة نادرة في الحقيقة ، وأتت نتيجة كوارث حربية أو اجتماعية سابقة ، فإن شبح احتمال كهذا هو مقلق جداً ، وقد يكون هو السبب في الشعور بالتضخم على أنه خطر . والخطر ليس ما هو عليه التضخم الآن ، بل ما سوف يكون عليه في المستقبل .



عرض البوم صور snowwhite  
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25-07-2014, 10:06 PM
snowwhite snowwhite غير متواجد حالياً
عضو متميز
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 8 : أكلاف ومخاطر التضخم




الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتضخم :
يترتب على التضخم آثاراً اقتصادية واجتماعية تقسم إلى نوعين ، الأكلاف الوهمية والمخاطر الحقيقية للتضخم .

الأكلاف الوهمية للتضخم :

· التضخم والوهم النقدي : إحدى الأكلاف الوهمية للتضخم تتمثل في التآكل التدريجي "المزعوم" لمستوى المعيشة الحقيقي ، إن هذا ببساطة غير صحيح .
إذن ما هو مصدر الاعتقاد الواسع الانتشار الذي يقول بانخفاض مستوى المعيشة Standard of Living بسبب التضخم ؟ الإجابة موجودة في ظاهرة يطلق عليها الاقتصاديون تسمية "الوهم النقدي" . إذ إن هناك ميل لقياس مستوى الرفاه الحقيقي بالكمية النقدية التي يجري الحصول عليها وليس بالقدرة الشرائية الحقيقية . فالوهم النقدي يؤدي إلى أكلاف نفسية ( سيكولوجية ) حادة في فترات التضخم لأن المداخيل الحقيقية هي أدنى بكثير من المداخيل الاسمية .

· الخاسرون غير الحقيقيون نتيجة التضخم : إن مستوى الرفاه Welfare لبعض الفئات الاجتماعية يتغير في أزمات التضخم ، و قد تم التأكد أن الخاسرين الأساسيين من التضخم هم أصحاب المداخيل الثابتة . ولكن أصحاب المداخيل المتصاعدة ليسوا خاسرين حقيقة وذلك لأن ارتفاع التضخم يتزامن مع ارتفاع مداخيلهم .

المخاطر الحقيقية للتضخم :

يمكن اختصار المخاطر الحقيقية للتضخم فيما يلي :
· يترتب على التضخم إضعاف ثقة الأفراد في العملة ، وإضعاف الحافز على الادخار . فإذا اتجهت قيمة النقود إلى التدهور المستمر تبدأ في فقدان وظيفتها كمستودع للقيمة ، وهنا يزيد تفضيل السلع على تفضيل النقود ، فيزيد ميل الأفراد إلى إنفاق النقود على الاستهلاك الحاضر وينخفض ميلهم للادخار ، وما يتبقى لديهم من أرصدة نقدية يتجهون إلى تحويلها إلى ذهب وعملات أجنبية مستقرة وإلى شراء سلع معمرة وعقارات .

· يترتب على التضخم اختلال ميزان المدفوعات بالاتجاه إلى خلق عجز به ، وذلك لزيادة الطلب على الاستيراد Imports وانخفاض حجم الصادرات Exports . فالزيادة التضخمية في الإنفاق القومي وبالتالي المداخيل النقدية يترتب عليها زيادة في الطلب ليس فقط على السلع المنتجة محلياً ، بل على المستوردة أيضاً . ولو كان الاستيراد طليقاً سوف يزيد حجمه وترتفع مدفوعاته ويعمل على امتصاص موارد الدولة من النقد الأجنبي . وأما إذا كان الاستيراد مقيداً فيقل ما يمكن تسربه من فائض القوة الشرائية إلى الخارج فيرتد إلى السوق المحلية ويزيد الطلب على السلع المنتجة محلياً ولا سيما تلك السلع البديلة للواردات ، فيشتد ارتفاع الأسعار .

ومن زاوية أخرى يضعف التضخم مقدرة البلاد على التصدير ، لأنه سوف يخفض من حجم السلع القابلة للتصدير لزيادة الحافز على توجيه جانب منها إلى السوق المحلية . هذا بالإضافة إلى أن التضخم يميل إلى رفع تكاليف إنتاج سلع التصدير ، مما يضعف من مركزها التنافسي في الأسواق الخارجية .

· يؤدي التضخم إلى توجيه رؤوس الأموال إلى فروع النشاط الاقتصادي التي لا تفيد التنمية في مراحلها الأولى ، فتتجه إلى إنتاج السلع التي ترتفع أسعارها باستمرار ، وهي عادة السلع الترفيهية Luxury Goods التي يطلبها أصحاب المداخيل العالية . وكذلك يتجه قسم هام من الأموال إلى تجارة الاستيراد والمضاربة Speculation التجارية وإلى بناء المنازل .

· يترتب على استمرار تصاعد الأسعار ارتباك في تنفيذ مشاريع التنمية بسبب استحالة تحديد تكاليف إنشاء المشاريع بصورة نهائية ترتفع عناصرها باستمرار خلال فترة تنفيذ المشاريع ، الأمر الذي يؤدي معه إلى عجز القطاعات في الحصول على الموارد اللازمة لإتمام مشاريعها ، وبالنتيجة يصبح التخطيط القومي أمراً غير ميسور .

· يشكل التضخم تهديداً للاستقرار النقدي ، فهو يثير انحرافات في هيكلية الإقراض ويؤثر على العلاقات بين المشاريع والمصارف . ففي فترات التضخم من الأجدى دائماً اللجوء إلى الاقتراض ، لأن التسديد سوف يتم بنقود أدنى قيمة ، وبذلك فإن المشاريع تسعى للاقتراض إلا أن المصارف تبدو متحفظة للأسباب ذاتها .

· يترتب على التضخم ظلم اجتماعي يحيق بأصحاب المداخيل الثابتة ، كأصحاب المعاشات وحملة السندات والذين تتخلف مداخيلهم النقدية عن اللحاق بتصاعد الأسعار ، في حين يستفيد أصحاب المداخيل المتغيرة من تجار ومنتجين .
· يعمق التضخم التفاوت في توزيع المداخيل Income والثروات ، ويخلق موجة من التوتر والتذمر الاجتماعي بدرجة تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي الضروري لدفع عجلة التنمية الاقتصادية .

· يشكل التضخم تهديداً لقيمة الأصول النقدية ، والتهديد بتآكل الأصول النقدية مرتبط بشكل وثيق بالتضخم الجامح والمريع . وهذه الأصول النقدية ، كحسابات الادخار Saving Accounts وبوالص التأمين Insurance وسندات الدين Bonds الحكومية وغيرها ، جميعها تتآكل من جراء التضخم . كذلك فإن قيمة الأسهم يطاولها التآكل أيضاً ، لكن هذه القيمة يمكن أن تتبدل إذا ما بشرت الآفاق البورصية بازدهار مستقبلي .

لقد تسببت التضخمات الجامحة والتضخمات المريعة بتبديد الأصول النقدية ، ففي ما بين عامي 1970 و1982 ارتفع رصيد حسابات الادخار والحسابات الصغيرة في الصناديق المشتركة للتوظيف في الولايات المتحدة من 184 مليار دولار إلى 670 مليار دولار ، كذلك فقد قفزت قيمة بوالص التأمين من 1400 مليار دولار إلى 3300 مليار دولار .

إن قيمة بعض الأصول ترتفع عادة مع التضخم كالأراضي والأعمال الفنية والتحف والمعادن ، وكل ما هو نادر ويقدر أن له قيمة دائمة . وأكثر التغطيات أهمية في مواجهة التضخم هو الذهب Gold ، وقد شهد الذهب اتجاهاً تصاعدياً حاداً لسعره ابتداء من بداية عام 2002 ، فارتفع السعر من 275 دولاراً للأونصة وصولاً إلى أكثر من 965 دولاراً ، وهو لا يزال مستمراً في الصعود .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يمنع التضخم من محاولة إدراك النمو ، فهو يقف حاجزاً أمام محاولة استخدام كامل الطاقة الإنتاجية بدافع الخوف من تحويل درجة معقولة من التضخم إلى تضخم غير مقبول أو خطر كبير على الفور . وبذلك فإن الكلفة الحقيقية للتضخم هي "البطالة المفروضة" ( ليس فقط البطالة التي تتأتى من معدلات الفائدة المرتفعة ومن انخفاض الاستثمار ، بل أيضاً البطالة التي تتسامح فيها أو تشجعها الحكومات عمداً من أجل تجنب تفاقم التضخم أو على أمل تخفيف من حدته ) .

وأكلاف البطالة مرتفعة بما فيه الكفاية ، لكنها لا تبدو أكثر ثقلاً من أخطار التضخم ، فأكلاف البطالة تتحملها أقلية في المجتمع ، في المقابل فإن الجميع يشعر بآثار التضخم . والحاجة لاستيعاب التضخم تعتبرها الحكومات شأناً أكثر إلحاحاً من الحاجة لمعالجة البطالة ( في ظل عدم وجود خوف من ركود اقتصادي ) . فالحكومات والناخبون هم جميعاً على استعداد لتقبل زيادة في معدلات البطالة مقابل تخفيض لمعدلات التضخم ، إلا أنهم ليسوا على استعداد لتقبل المزيد من التضخم مقابل تخفيض للبطالة .

· إن أهم أخطار التضخم يكمن في طبيعته التراكمية Accumulation ، فمتى تمكنت القوى التضخمية من النظام الاقتصادي تستفحل وتستشري بصورة تراكمية فيغدو التضخم لصيقاً بالاقتصاد القومي وسمة من سماته الأساسية ، فيؤثر على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بفعل سيطرته على قرارات رجال الأعمال وسلوك العمال ورجال الحكم .

ويمثل التضخم تهديداً بالميل نحو مزيد من التسارع ، وبالإمكان التمييز بين تسارع منتظم وغير منتظم للتضخم . والتضخم يمثل إنذاراً تتسارع وتيرته حتى تصبح النقود عديمة القيمة ويحدث الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الشامل ، لكن حتى وإن كانت التضخمات المريعة نادرة في الحقيقة ، وأتت نتيجة كوارث حربية أو اجتماعية سابقة ، فإن شبح احتمال كهذا هو مقلق جداً ، وقد يكون هو السبب في الشعور بالتضخم على أنه خطر . والخطر ليس ما هو عليه التضخم الآن ، بل ما سوف يكون عليه في المستقبل .




رد مع اقتباس