لماذا تحتاج الصين إلى تحول هيكلي جذري؟
2016-08-24
تشير عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم منذ أكثر من عام إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، ولكن عند إلقاء نظرة عن قرب على مجريات الأمور الداخلية للبلاد ستبدو الأمور مختلفة تماما.
وبحسب تقرير "بروجيكت سنديكيت" فإن مقاطعة شانشي الغنية بالموارد عانت من تباطؤ في النمو الاقتصادي، لكن مناطق جنوب غرب تشونغشينغ وقويتشو شهدت نمواً قوياً، وفقاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء.
وبينما مرت "هيبي" وثلاث مقاطعات أخرى بحالة من الركود، ازدهرت الصناعات الثقيلة في تيانجين وشاندونغ وجيانغسو.
بدء تحول الاقتصاد الصيني
- بعد الأزمة المالية عام 2008 عندما أصبح تباطؤ النمو أمراً طبيعياً لأغلب البلدان، بدأت الصين التسريع في استعادة التوازن من خلال تحويل القوة الدافعة للنمو من التصنيع والتصدير إلى الاستهلاك المحلي من السلع والخدمات.
كان لهذه الإجراءات آثار بعيدة المدى على التحركات المستقبلية للاقتصاد الصيني، فمع إستراتيجية التصدير السابقة كانت الأولوية الرئيسية للحكومة دمج عمليات التصنيع المحلي في سلاسل الإنتاج العالمي.
- الآن، يهدف الاقتصاد الصيني إلى تلبية مطالب المستهلكين المحليين المتنوعة، وارتبطت بذلك الصناعات المحلية بشكل وثيق بهذه المطالب التي تتزايد بسرعة كبيرة.
- في السابق، لم يتم تصنيف الأنشطة الاقتصادية التي تزدهر حالياً كصناعات تحويلية لكن كخدمات، لكن الخدمات لا توجد من العدم، وجميع الأعمال تحتاج للمنتجات المصنعة والنقل والمعلومات والاتصالات والخدمات اللوجيستية وغيرها.
- الطلب على الخدمات الجديدة له آثار على استثمار رأس المال في البنية التحتية والمعدات، وعلى عكس ما هو سائد، فنمو الخدمات في الصين لتلبية الطلب المحلي لا يعني نهاية الاستثمارات الرأسمالية.
القطاع الأكثر نمواً
- قطاعات الخدمات تعوض الكثير إن لم يكن كل التراجع في نمو الصناعات التحويلية الموجهة للتصدير، وقد حققت قطاعات النقل والمعلومات والاتصالات والمالية وغيرها في الصين إنتاجية ضئيلة ما يعني أن لديها فرصة للتوسع.
نمو إنتاجية قطاع الخدمات في آسيا يعود بالنفع على كافة القطاعات بنهاية المطاف، ويسهم في تحقيق نمو مستدام ومتوازن لاقتصادات القارة، وفقا لورقة بحثية أعدها الاقتصاديان "جونغ وا لي" و"وأرويك جيه.ماكيبين".
- دراسة اتجاهات التنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية، أوضحت أن متوسط القيمة المضافة لكل عامل في وسائل النقل والعقارات والاتصالات هي الآن أعلى من المتوسط في مجال التصنيع، وكذا الأمر في الولايات المتحدة واليابان والصين.
- تعكس النتائج الأخيرة حول نمو قطاع الخدمات أن التطور السريع له داخل الصين قد يعكس مسار الآثار الظاهرة خارجيا حول نمو الاقتصاد منذ عام 2008.
- أخيراً، كما تحولت اليابان وكوريا الجنوبية إلى الاعتماد على تلبية الطلب المحلي بدلاً من التصدير، يمكن للصين ذلك، لكن التحول الهيكلي عملية بطيئة ومؤلمة.
الإصلاح الهيكلي والقرار السياسي
- الصين في خضم هذا التحول بالفعل ويجب أن تكون حريصة على ألا تقوض مصادرها الداخلية للنمو خشية أن تقع في فخ هيكلي حيث تفوق تكلفة التحول المكاسب.
بالنسبة للمبتدئين، التنمية الاقتصادية القائمة على الطلب المحلي المتنوع أكثر تعقيداً من التنمية القائمة على التصدير، لأن هذه القطاعات الجديدة تعتمد بشكل أكبر على الخدمات المالية المتطورة والوصول للسوق الحر والمنصف والعمالة الأفضل.
- قد تقطع الإصلاحات الهيكلية شوطاً طويلاً نحو إصلاح بعض المشكلات، لكنها ستتطلب أيضاً من القيادة الصينية اتخاذ قرارات سياسية صعبة لن ترضي الجميع.
- هناك تحد أساسي آخر هو تباطؤ معدلات التحضر، وللأسف النظام الصيني دائم تقسيم المناطق الحضرية والريفية، وأدى ذلك إلى تناثر المجتمعات الحضرية دون شبكات للمساعدة على زيادة الإنتاجية.