النحاس .. "بارومتر" الاقتصاد العالمي هل يستعد لموجة جديدة من الصعود في 2017؟
2017-01-31
بعد أن ارتفعت أسعار النحاس بنحو 21% في 2016 مع ارتفاع في الطلب، يستعد المعدن الأحمر لموجة جديدة من المكاسب مع مؤشرات على استمرار الطلب المرتفع.
وللنحاس وضع خاص بين السلع الأولية، حيث ينظر إليه كمرآة لنمو الاقتصاد العالمي، حيث يدخل المعدن في عديد من الصناعات التي تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ارتفاع الأسعار ونمو الطلب
وعلى موقع بورصة لندن للمعادن، تعطي الجداول الفنية لأداء المعدن صورة متفائلة لأدائه حيث ارتفعت الأسعار الفورية للمعدن من مستوى بلغ نحو 4700 دولار للطن المتري بنهاية العام الماضي إلى مستوى يبلغ 5864 دولارا للطن بنهاية تداولات أمس الإثنين بزيادة قدرها نحو 9% في أفضل مكاسب شهرية للمعدن منذ نوفمبر / تشرين الأول 1997.
فيما تراجعت مخزونات المعدن في بورصة لندن للمعادن بنهاية تعاملات الإثنين إلى أقل مستوى لها في عامين في علامة أخرى على الطلب القوي.
ويقول "آرون ليسيل"، خبير أسواق السلع لدى سينشري فاينانشيال، إن ارتفاع أسعار النحاس يرجع بالأساس إلى ارتفاع الطلب من الصين وقفزة في الإنتاج بتشيلي".
والصين هي أكبر مستهلك للنحاس في العالم حيث تستحوذ الدولة الآسيوية وحدها على نحو 45% من حجم الاستهلاك العالمي، فيما تعد تشيلي أكبر منتج للمعدن بالعالم مع استحواذ المعدن لنحو 15% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، على موقع صندوق النقد الدولي.
ويتابع "ليسيل" "العوامل التي دفعت إلى ارتفاع الطلب في الصين على وجه التحديد جمعيها عوامل تتعلق بالنمو الاقتصادي... وللتعرف عن قرب على ذلك الأمر انظر إلى مؤشرات النمو المرتفعة قبل سنوات من الآن وأسعار النحاس.. يمكننا القول حينها إن العلاقة طردية بين النمو في الصين وأسعار النحاس".
ويستطرد "الأمور في كودليكو أيضا على ما يرام ... الإنتاج في ارتفاع مستمر والأعمال مزدهرة بالوقت الحالي... حتى شركة إعادة تدوير النحاس في أوروبا تستفيد من الزخم الحادث للسلعة بالوقت الحالي".
و"كودليكو" هي أكبر شركة لإنتاج النحاس بالعالم وتتخذ من تشيلي مقراً لها.
ويقول "نيلسون بيزارو"، مسؤول علاقات المستثمرين لدى "كودليكو" ، إن القفزة التي شهدتها أسعار النحاس بالوقت الحالي يغذيها ارتفاع بالطلب من زبائن الشركة في الأسواق الآسيوية على وجه التحديد.
ويتابع "بيزارو" "استحوذ السوق الآسيوي على نحو 70% من الطلب خلال العام الماضي مقارنة مع نحو 65% في 2016... حينما يرتفع الطلب في آسيا نعلم أن القادم سيكون أفضل.
توقعات متفائلة
وتتوقع شركة "أوريبيس" الألمانية، التي تتخذ من هامبورج مقرا لها، أن يشهد العام المالي الجاري لها قفزة في الأرباح التشغيلية مع زيادة الطلب على النحاس المعاد تدويره.
و"أوريبيس" هي أكبر شركة لإنتاج النحاس في أوروبا.
وقالت الشركة في بيان منشور على موقعها الإلكتروني أواخر الشهر الماضي إن العام المالي الجاري سيشهد نتائج جيدة للشركة بعد دخول مصاهر النحاس في وحدتها البلغارية للعمل بكامل طاقتها.
ويبدأ العام المالي للشركة في مطلع أكتوبر / تشرين الأول من كل عام.
ويرى "جوليان جيسيب"، محلل السلع لدى كابيتال إيكونوميكس لندن، أن ارتفاع أسعار النحاس يرجع أيضاً إلى إقبال قوي من صناديق المؤشرات خلال الفترة الماضية.
ويقول جوسيب لـ"أرقام" "صناديق المؤشرات ربما أسهمت في ارتفاع الطلب على المعدن الأحمر.. الأمر لا يتعلق بالطلب الصيني القوي فقط".
ويتابع "العقود التي يتم إلغاؤها عند مستويات مرتفعة للغاية وهو ما يعني أن هناك طلبا آخر بخلاف الطلب العادي من قبل المصنعين".
وارتفعت العقود الملغاة بنحو 13% بنهاية نوفمبر / تشرين الأول الماضي بحسب آخر البيانات المتاحة على موقع بورصة لندن للمعادن.
ومن بين ثلاثة صناديق للمؤشرات تستخدم النحاس كأصل بديل، أظهرت جميعها ضخا لاستثمارات جديدة في المعدن منذ مطلع العام الجاري.
ورفع صندوق "يو.بي.إس. كوبر توتال" حيازته من المعدن بنحو 25% في 2016، وارتفعت أسعار وثائق النحاس التي يصدرها الصندوق نحو 29.26%، على الموقع الإلكتروني "إيه.تي.إف. دي. بي" الذي يتتبع أداء صناديق المؤشرات حول العالم.
ويقول تقرير حديث صادر عن سيتي جروب إن صناديق المؤشرات الصينية هي الأخرى اشترت المعدن الأحمر بقوة منذ مطلع العام الجاري لتسهم في ارتفاع الأسعار مع الطلب المرتفع بالأساس.
ويقول تقرير حديث صادر عن قسم أبحاث المعادن في "كوميرتس بنك" إن أسعار النحاس ستواصل الصعود في 2017 ولكن يبقى الطلب أحد العوامل المؤثرة على الأسعار بحسب المحللين.
ويرسم بنك "ميرل لينش أوف أمريكا صورة مختلفة لتوقعات سعر النحاس في 2017، حيث يرى البنك أن معظم أسعار السلع الأولية ستتأثر برفع معدلات الفائدة الأمريكية في 2017 (هناك توقعات برفعها 3 مرات هذا العام).
ويقول البنك في مذكرة بحثية، اطلعت "أرقام"على نسخة منها "ربما تعاود السلع الأولية ومن بينها النحاس الهبوط مع اتجاه الفيدرالي نحو رفع أسعار الفائدة أكثر من مرة خلال العام الجاري.
والنحاس المقوم بالدولار يسير في حركة عكسية مع اتجاه مؤشر الدولار القوي بالأساس، حيث إن حيازة المعدن تصبح أكبر كلفة مع ارتفاع العملة الأمريكية مما يتسبب في عزوف المستثمرين عنه.
فيما ترى مذكرة بحثية صادرة عن وحدة السلع في بنك "إتش.إس.بي.سي"، أن الصين ستظل المحرك الرئيسي لأسعار المعدن الأحمر خلال العام الجاري مع توقعات بارتفاع الطلب مع استمرار الإنفاق الحكومي السخي على مشاريع البنية التحتية.
وتوقعت المذكرة أن ينمو الطلب الصيني على المعدن بنحو 2.9% في 2017.
ولكن المذكرة حذرت من أن زيادة المعروض ربما يكبح جماح مكاسب المعدن على المدى الطويل.