انخفاض في سعر صرف الدولار الأمريكي و ارتفاع في سعر برميل النفط، هذه ميزات جلسة تداولات يوم أمس، إثر ذلك شهدنا أيضاً ارتفاعاً في العديد من مؤشرات السلع منها مؤشر S&P GSCI الذي أغلق يوم أمس مرتفعاً بمقدار 3.51 نقطة و كذلك مؤشر RJ/CRB للسلع الذي اكتسب يوم أمس 3.06 نقطة بإغلاقه تداولات نيويورك. استفادت المعادن الثمينة من هذه المتغيرات و ارتفعت يوم أمس، لكن الارتفاع الذي شهده كل من سعر الذهب و الفضة شاركت فيه متغيرات أخرى أهمها حالة التوتّر في الشرق الأوسط التي دفعت العديد من الجهات لطلب الذهب كملاذ آمن و كذلك تم استخدام الفضة كأصل استثماري و مضاربي إلى جانب استخدام الفضة في المضاربة.
ملامح ارتفاع في مستويات التضخم بدأت في الظهور حتى في الدول العظمى، في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتحرك أسعار المستهلكين ارتفاعاً و وصل التضخم بحسب مؤشر سعر المستهلك إلى مستوى 1.6% بارتفاع من مستوى 1.5%، و رغم أن هذه المستويات تبدو منخفضة بعض الشيء، إلا أنها تشير إلى بداية تأثر مستويات الأسعار في أسعار الفائدة المتدنية جداً و سياسات التخفيف الكمي. ليس هذا فقط، بل يبدو بأن التعافي الاقتصادي في العديد من الدول في العالم بدأ يفقد العزم. كل هذا سبب طلبات واضحة في أسواق المعادن الثمينة.
ارتفع سعر أونصة الفضة يوم أمس إلى أعلى مستوى له منذ حوالي ثلاثين عاماً مضت، حيث شهدنا سعر الفضة يوم أمنس يرتفع إلى 31.88 بسعر الطلب (Ask) قبل أن يغلق عند مستوى 31.78 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 3.59%. ارتفع سعر الذهب كذلك خلال تداولات يوم أمس و اكتسب خلال جلسة نيويورك 0.65% عندما أغلق عند مستوى 1384.60 دولار للأونصة بعد أن أغلق تداولات لندن في السعر المثبّت عند مستوى 1379.00 دولار للأونصة. شارك البلاتين في الموجة الصاعدة، لكن الارتفاع الذي شهده كان قليلاً نسبياً يوم أمس و اكتفى بارتفاع مقداره 0.11% عندما أغلق تداولات نيويورك عند سعر 1831.00 دولار للأونصة الواحدة.
يتجه الذهب لإنهاء أكبر ارتفاع أسبوعي له هذه السنة بدعم التوترات في الشرق الأوسط و طلبات الذهب كملاذ آمن و أصل لتخفيض المخاطرة، فيما كما نرى الفضة تتداول عند أسعار لم نشهدها منذ ثلاثين عاماً، حيث أن الذهب يعتبر الآن أحد أكثر الأصول المرغوب بها كملاذ آمن مع امتداد التوتر السياسي في دول شمال أفريقيا إلى جانب ارتفاع العجز في الموازنات الأوروبية بل في كثير من الدول في العالم. نضيف إلى ذلك ارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير يشير إلى احتمالات ارتفاع مستويات التضخم بشكل كبير خلال الفترة المقبلة و هذا يسبب طلب الذهب لتغطية مخاطر التضخم.
رفعت كل من الصين و الهند و إندونيسيا و كذلك ثايلند و كوربا سعر الفاضدة، و ذلك من أجل تقليل مخاطر التضخم و هذا بالتالي يؤثر على توقعات النمو في الدول التي تعتبر محركاً للنمو في الاقتصاد الدولي أهمها الصين، و في ظل حالة التوتر السياسي في البحرين و اليمن و كذلك الاضطراب الذي ما زال يسود الشارع المصري. كل هذا رافق أيضاً التوتر في ليبيا و تونس. كلها أسباب تدفع العديد من الجهات لاستخدام الذهب و سائر المعادن الثمينة كاحتياطي.
هذا اليوم ما زلنا نرى المعادن الثمينة تتداول بإيجابية و يرتفع سعر الذهب و البلاتين. و حتى مع انخفاض سعر الفضة، إلا أن السعر ما زال يتداول في أعلى مستويات له منذ عام 1980. نرى سعر الذهب اليوم يتداول عند مستوى 1384.90 دولار للأونصة بارتفاع مقداره 0.02% و كذلك ارتفع البلاتين بمقدار 0.445 ليتداول سعر البلاتين عند 1839.00 في هذه اللحظات. سعر الفضة الآن يتداول بانخفاض مقداره 0.22% من إغلاق نيويورك يوم أمس، و يتداول السعر الآن عند مستوى 31.71 دولار للأونصة الواحدة. هذه الأسعار كما هي في تمام الساعة 01:50 صباحاً بتوقيت نيويورك ( 06:50 بتوقيت غرينتش ).
عادت طلبات الإعانة الأسبوعية في الولايات المتحدة للارتفاع، و حقق الاتحاد الأوربي نمواً أقل من التوقعات خلال الربع الرابع الماضي و كل من البرتغال و اليونان شهد انكماشاً في الناتج النحلي الإجمالي حتى أن اليونان شهدت انكماشاً على مدى 2010 كاملاً بتأثير من أزمة الديون السيادية. من جهة أخرى، نرى مستوى التضخم في المملكة المتحدة و الصين و العديد من الدول الأخرى يشهد ارتفاعاً كبيراً و بدأ التضخم في التحرّك في الولايات المتحدة و أوروبا، و هذا كله سبب للاتجاه نحو المعادن الثمينة كملاذ آمن و استثمارات بديلة حتى مع الفرص الاستثمارية و المضاربية التي تقدّمها أسواق الأسهم.