[COLOR=#]
إن نظرية داو هي اللبنة الأولى التي و ضعت في صرح التحليل الفني و التي اشتق منها النظريات و المناهج التحليلية الأخرى، وسنحاول خلال هذه المقالة أن نلقي الضوء على هذه النظرية و على الأسس التي قامت عليها و كيف يمكنا الاستفادة منها في معرفة اتجاه الأسواق. و لكننا سنكتشف عزيزي القارئ كيف أن هذه النظرية قد تكونت بدون تعمد و أنها في الحقيقة عبارة عن عصارة ما كتب تشارلز داو!!!
من هو تشارلز داو؟؟
تشارلز هنري داو (6 نوفمبر 1851 -- 4 ديسمبر ، 1902) كان أحد الصحافيين الأميركيين الذي شارك في تأسيس مؤشر داو جونز آند كمباني " Dow Jones & Company " مع إدوارد جونز و تشارلز بيرجستريسير.
أسس داو أيضا صحيفة وول ستريت جورنال ، الذي أصبح واحدا من المنشورات المالية الأكثر احتراما في العالم. كما انه اخترع مؤشر داو جونز الصناعي كجزء من أبحاثه في مجال تحركات السوق. كما طور سلسلة من المبادئ من أجل فهم و تحليل سلوك السوق الذي أصبح فيما بعد يعرف باسم نظرية داو ، الأساس للتحليل الفني.
نبذة تاريخية:
تشارلز هنري داو ولد في كونيتيكت في 5 نوفمبر من عام 1851 وكان ابن احد المزارعين الذين لقوا حتفهم عندما كان عمره ست سنوات. عاشت عائلته في منطقة تلال بالقرب من ولاية رود آيلاند. لم يتلقى داو تعليم أو تدريب بشكل كبير، إلا أنه تمكن من العثور على عمل في سن 21 مع جريدة سبرينغفيلد الجمهوري اليومية في ولاية ماساشوستس.
في الفترة من عام 1872 حتى عام 1875 عمل داو كمراسل صحفي لدى صمويل بولز والذي قام بتعليم الصحفيين لديه كيفية كتابة المقالات المفصلة عن مختلف الموضوعات. في عام 1879 سافر داو بالإضافة إلى عدد من التجار، الجيولوجيين، المحامين و المستثمرين على رحلة قطار استغرقت أربعة أيام للوصول إلى ولاية كولورادو. تعلم داو الكثير عن عالم المال خلال تلك الرحلة من خلال الأحاديث التي تناولها مع المصاحبين له في الرحلة إلى جانب المقابلات التي أجراها مع العديد من الممولين الناجحين، و الاستماع إلى نوعية المعلومات التي يحتاج إليها المستثمرين في وول ستريت اللازمة لكسب المال. ويبدو أن رجال الأعمال قد وضعوا ثقتهم في داو، مع العلم أنه استطاع أن يقتبس منهم بدقة إلى جانب الحفاظ على ثقتهم فيه.
العمل في وول ستريت:
في عام 1880 انتقل داو إلى مدينة نيويورك بعد أن أيقن أنها المكان المثالي لرجال الأعمال و الصحافيين، واشتغل هناك بمكتب وول ستريت كيرنان للأخبار المالية " Kiernan Wall Street Financial News Bureau ". و التي كانت تعتمد على كتابة تقارير مالية يتم تسليمها باليد إلى البنوك و شركات السمسرة، ثم انضم إدوارد ديفيس جونز إلى الجريدة للعمل بها.
اتفق كل من داو و جونز أن وول ستربت في حاجة إلى مكتب آخر لتزويدها بالبيانات و الأخبار التي يحتاجها المستثمرين. وفي نوفمبر 1882 بدأت الوكالة الخاصة بهم و التي حملت أسم " Dow, Jones & Company " أو شركة داو & جونز، و الطريف في الأمر أن المقر الرئيسي كان يقع بالدور الأرضي لمتجر لبيع الحلوى وكان عدد موظفي هذه الشركة ستة أشخاص فقط متضمنين داو و جونز. ومع فشلهم في تغطية جميع الأخبار لجأت الشركة إلى تشارلز بيرجستريسير الذي كان يتمتع بمهارات متميزة بشأن إجراء المقابلات و التعرف على رجال الأعمال و الشخصيات الهامة في المجتمع المالي وقتها.
في نوفمبر عام 1883 أصدرت الشركة موجز يومي مكون من صفحتين ويصدر عقب نهاية التداولات يوميا ليحوي ملخص للعمليات التجارية التي تمت خلال اليوم تحت أسم " Customers' Afternoon Letter ". وسرعان ما حقق الملخص ما يزيد عن ألف من المشتركين اليوميين، ليعد بعد ذلك من أهم مصادر المعلومات للمستثمرين. وقد تضمن هذا الملخص مؤشر داو جونز الذي يحتوي على أسهم التسعة شركات التي تعمل في مجال النقل من خلال السكك الحديدية إلى جانب شركات شحن أخرى.
نشأة وول سترين جورنال:
في عام 1889 بلغ عدد موظفين الشركة 50 موظف و أدرك الجميع أن الوقت قد حان لتحويل موجز الأخبار الصفحتين إلى جريدة حقيقية، و بالفعل صدر العدد الأول من الجريدة ظهر يوم 8 يوليو عام 1889 وكانت تكلفتها في ذلك الوقت 2 سنت للعدد الواحد أو خمسة دولارات لاشتراك لعام كامل. كان هدف الجريدة هو أن توفر لقارئها بشكل كامل الأخبار اليومية التي تؤثر على تقلبات الأسعار في أسواق الأسهم و السندات المالية وبعض أصناف السلع الأولية.
حملت الجريدة شعار " الحقيقة و الاستخدام الصحيح لها " و كان أحد أهم أهداف الجريدة أن تصبح جريدة للأخبار و ليست جريدة للآراء، وقد وعد المحررين بهذه الجريدة أن يتم استقلالها عن تحكم المعلنون. وقد لاقت الجريدة نجاحا كبيرا مما دفعها إلى توزيع نسخها في العديد من الولايات الأمريكية بالإضافة إلى بعض المدن الخارجية و على رأسهم لندن.
نظرية داو " Dow Theory":
نظرية داو على تحركات أسعار الأسهم هو شكل من أشكال التحليل التقني الذي يتضمن بعض جوانب التبادل في القطاعات المختلفة. و هي نظرية مستمدة من 255 افتتاحية تم كتابتها في صحيفة وول ستريت جورنال من قبل تشارلز هنري داو مؤسس ورئيس التحرير الأول للجريدة والمؤسس المشارك لشركة داو & جونز. عقب وفاة تشارلز داو قام ويليام بيتر هاملتون، روبرت ريا و إي- جورج شايفر بتنظيم و تجميع "نظرية داو ،" استنادا إلى مقالات داو الافتتاحية و الجدير بالذكر أن داو نفسه لم يستخدم مصطلح "نظرية داو"، كما لم يقدمها على أنها نظام للتداول.
المبادئ الست الأساسية لنظرية داو:
1- السوق له ثلاث تحركات:
(1) "تحرك رئيسي" أو الاتجاه الرئيسي "الترند" للسعر و تبلغ مدته من عدة أشهر إلى عدة سنوات. (2) "تحرك متوسط" و هو اتجاه ثانوي في الأسواق يمتد من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر. (3) "تحرك قصير" وهي حركة بسيطة قد تمتد لبضع ساعات وقد تصل إلى ما يزيد عن شهر.
2- اتجاهات السوق " Market Trends " لها ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى المرحلة التراكمية و بها يدخل المستثمرين إلى الأسواق ولكن في عكس الاتجاه الرئيسي في السوق، وقد أشار داو إلى أن هذه القلة من المستثمرين غير قادرين على تحريك السعر أو تغيير الاتجاه الرئيسي "الترند" في السوق. المرحلة الثانية مرحلة المشاركة الجماعية وفيها تشهد الأسواق دخول أعداد كبيرة من المستثمرين الذين يتتبعون الاتجاه الحالي في الأسواق أياً كان هذا الاتجاه، ويساهم هذا في زيادة حركة هذا الاتجاه في الأسواق إلى أن يتوقف عن منطقة معينة متأثرا. المرحلة الثالثة مرحلة توزيع الاستثمارات وفيها ينوع المستثمرين من استثماراتهم بعد أن توقف الاتجاه الرئيسي في السوق، حيث يقومون بانتظار تكون اتجاه رئيسي جديد في السوق.
3- أسواق الأسهم في استطاعتها تجاهل كل الأخبار:
نظرية داو وضعت فرضية بأن سعر السهم في استطاعته أن يتجاهل الأخبار الاقتصادية التي تصدر، كما أنه في استطاعته أن يعكس هذه الأخبار على قيمته السعرية.... وهنا تتداخل نظرية داو مع نظرية "فرضية كفاءة السوق" " Efficient Market Hypothesis".
4- مؤشرات البورصة يجب أن تؤكد بعضها البعض:
المقصود هنا أن متوسطات الأسهم أو مؤشرات الأسهم يجب أن تتحرك في اتجاه واحد، بمعنى أن مؤشر أسهم الشركات الصناعية يتحرك في نفس اتجاه مؤشر أسهم شركات الشحن نظراً للعلاقة بين الشركات الصناعية وشركات الشحن. و في الوقت الحاضر نستطيع أن نرى أن هذا المبدأ لا يزال يطبق بشكل واضح، فنلاحظ أن مؤشر داو جونز للأسهم الصناعية في بورصة نيويورك للأوراق المالية يتحرك في نفس اتجاه مؤشر S&P500 و أيضا في نفس اتجاه مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا في البورصة الأمريكية.
5- حجم التداولات يؤكد اتجاهات الأسواق:
نظرية داو ترى أن ارتفاع حجم التداول على سهم معين في اتجاه معين هو أكبر دليل على أن هذا الاتجاه هو الاتجاه الرئيسي "الترند" في الأسواق أو على الأقل هو الاتجاه الذي يراه المشاركون في الأسواق مناسب لسعر السهم في هذه الفترة. ولكن في حالة تداول السهم في اتجاه مخالف مثلاً نجد أن هذه التداولات لا تصاحبها أحجام كبيرة مما يدل أن هذه التحركات هي اتجاهات ثانوية لا تمت بصلة للاتجاه الرئيسي أو هي مجرد حركات تصحيحية للاتجاه الرئيس في السوق.
6- الاتجاه يستمر في السوق إلى أن تظهر إشارات جازمة على انتهاء هذا الاتجاه:
داو يؤمن بأن الاتجاه الرئيسي "الترند" يستمر في التحرك بالرغم من أية حركات ثانوية في الاتجاه المخالف، لذا فإن تحديد ما إذا كانت الحركة في الاتجاه العكسي هي مجرد تصحيح أو بداية لاتجاه رئيسي جديد هو أمر عسير، خاصة أن المستثمرين قد يفسرون الأمور أحياناً بشكل خاطئ. لذا يجب الحصول على أكثر من إشارة فنية و اقتصادية على أن التغير في الاتجاه هو انتهاء للاتجاه الرئيسي "الترند" القائم في السوق و بداية لاتجاه آخر.
الخلاصة:
إن الهدف من نظرية داو هي تحديد الاتجاه الرئيسي "الترند" لسعر السهم في السوق و حديد التحركات الكبيرة التي في استطاعتها أن تغير هذا الاتجاه "الترند". فقد آمنت النظرية أن الأسواق تتأثر بعواطف المستثمرين و المبالغة في رد الفعل سواء في الأسواق الصاعدة أو الهابطة على حد سواء. ومع أخذ هذا في الاعتبار فإن النظرية ركزت على تحديد الاتجاه الرئيسي "الترند" و من ثم إتباع هذا الاتجاه "الترند"، و الأهم أن الاتجاه "الترند" يستمر في السوق إلى يحدث ما يمكن أن يغير هذا.