انتقد البنك الدولي خطط اليونان لإجراء استفتاء شعبي عام على اتفاق حزمة القروض الجديدة مع الاتحاد الأوروبي، وقال إنها تثير موجة جديدة من عدم اليقين بشأن حل مشكلة ديون منطقة اليورو المستمرة منذ عامين وأن استفتاء اليونان يعد مقامرة بمستقبل منطقة اليورو. وأشار رئيس البنك إلى ان بنوك التنمية يمكن أن توفر تمويلاً يصل إلى 200 مليار دولار لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع الصدمات الناتجة عن أزمة الديون السيادية الاوروبية.
وقال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي في تصريح مقتضب للصحافيين بالنسبة لي الأمر يبدو مثل رمية نرد.. وأنا لا أعرف كيف سيتم صياغة السؤال (الخاص بالاستفتاء) كما أن وقت التصويت غير واضح.
وتابع زوليك قائلاً: من المؤكد أن قرار اليونان يضفي مزيداً من عدم اليقين على الأسواق في الوقت الذي كان الناس يأملون فيه أن ينجح قادة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو في التوصل إلى اتفاق بشأن الإنقاذ المالي لليونان.
وأضاف زوليك ان استفتاء اليونانيين على إجراءات التقشف إلى جانب حزمة الإنقاذ الجديدة دليل على وجود بعض المشكلات الأساسية التي تواجهها اليونان خلال العملية ككل.
وقبل قمة مجموعة العشرين المقررة في فرنسا اليوم وغدا أكد زوليك ان الدول النامية تشعر بوطأة أزمة ديون منطقة اليورو من خلال تفاقم الاضطرابات بالسوق وضعف الطلب فضلاً عن مؤشرات على تقلص تمويل التجارة في غرب افريقيا.
وقال زوليك: قدّرنا مع بنوك تنمية اقليمية ان بوسعنا أن تقدم تمويلاً بأكثر قليلاً من 200 مليار دولار من خلال السحب من عدة أدوات.
وأضاف المبلغ الذي سيقدمه البنك الدولي من هذا التمويل حوالي 115 مليار دولار.
وذكر أن بنوكاً أوروبية تبيع بالفعل اصولاً لجمع رأسمال وأن هناك خطراً من أن تقلص الاقراض وهو ما سيؤثر على بلدان في جنوب شرق أوروبا ومنطقة البلقان.
وحث زوليك مجموعة العشرين على دعم الثقة بالسوق والالتزام بخطوات لتعزيز النمو العالمي وخلق الوظائف.
وقال ان أحد سبل تعزيز النمو العالمي هو ضمان مشاركة الدول النامية في أي خطط للمجموعة لدعم النمو وتوفير الوظائف من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية والتجارة.
وأكد انه ينبغي لأوروبا ألا تتطلع الى حل سحري من الصينيين في حين أن متوسط دخل الفرد في الصين 4000 دولار مقارنة مع 38 ألفاً في أوروبا.
إقرار الاستفتاء
إلى ذلك أعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية ايلياس موسيالوس ان الحكومة التي عقدت جلسة استثنائية ليل أمس الأول وأقرت بالاجماع مشروع الاستفتاء حول خطة الانقاذ الذي أعلنه الاثنين رئيس الوزراء جورج باباندريو.
واضاف ان الحكومة اقرت ايضاً قرار باباندريو التصويت على الثقة بحكومته غداً الجمعة من البرلمان.
وسادت الدهشة والاستياء ردود الفعل في اوروبا والعالم على اثر اعلان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو المفاجئ مســاء الاثنين عن الاستفتاء حول خطة الانقاذ.
وحذرت وكالة التصنيف المالي فيتش من ان رفض الناخبين اليونانيين للخطة يهدد استمرار منطقة اليورو برمتها.
وشهدت أسواق منطقة اليورو تدهوراً شاملاً حيث سجلت اسهم المصارف تدهوراً حاداً.
وقال باباندريو خلال جلسة الحكومة، حسب ما جاء في بيان، ان الاستفتاء سيقدم مهمة واضحة ولكن سيوجه ايضاً رسالة واضحة الى الداخل والخارج حول التزامنا الاوروبي وانتمائنا الى اليورو.
واضاف بيان الحكومة: يتوجب علينا بشكل من الاشكال ان تكون الاشياء واضحة من جميع النقاط وسأقول لمجموعة العشرين انه يتوجب عليها اخيراً انتهاج سياسات تضمن بأن الديمقراطية هي فوق شهية الاسواق.
وحذر باباندريو من ان كل شيء سيتوقف في حال كانت هناك حملة انتخابية وان البلاد سوف تجر نحو الافلاس.
دعم أوروبي
واشار باباندريو الى ان شركاءه الأوروبيين حذروا من خططه وهم سيحترمون ويدعمون الجهود التي تبذلها البلاد، حسب ما جاء في البيان ايضا.
وسيتوجه باباندريو الذي لا يتمتع في البرلمان اليوناني الا بأغلبية صوتين، الاربعاء الى كان بفرنسا حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بالاضافة الى مسؤولين في الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
وبعد قمة ماراثونية الخميس الفائت، توصل القادة الاوروبيون الى اتفاق مع المصارف لشطب قسم من الديون اليونانية التي تملكها المصارف الدائنة للبلاد.
واتفق القادة الاوروبيون على خفض الدين اليوناني وتوصلوا في هذا السياق الى اتفاق مع المصارف وصناديق الاستثمار الخاصة على شطب 50% من الديون اليونانية المترتبة لها، ما سيسمح بخفض 100 مليار يورو من الديون اليونانية البالغة 350 مليار يورو.
وستحصل اثينا على قروض دولية جديدة بقيمة 100 مليار يورو بحلول نهاية 2014 في اطار برنامج يحل مكان قرض بقيمة 109 مليارات يورو قرر الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي منحه في يوليو.
وفي اطار الاتفاق، ستحمل المصارف اليونانية 30 مليار يورو وستعاني كثيراً من عملية مبادلة الديون بـ50% من قيمتها لأنها هي التي تملك القسم الاكبر من الديون السيادية اليونانية.
تشديد الرقابة
في المقابل على اليونان ان تقبل بتشديد الرقابة على سياسة الموازنة التي كانت الترويكا الدائنة لليونان -- الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي -- تمارسها كل ثلاثة اشهر حتى الآن.
وبعد اتفاق الخميس اعلنت الحكومة اليونانية ان اعضاء في الترويكا سيظلون بشكل دائم في اليونان.
وتقدر ديون اليونان بـ350 مليار يورو اي حوالي 160% من اجمالي الناتج الداخلي. ووفقاً لبنود الاتفاق سيخفض الدين الى 120% من اجمالي الناتج الداخلي بحلول 2020.
تحذيرات كندية
وقال وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي أمس الأول ان أوروبا ربما دخلت في ركود بالفعل أو على الاقل على شفا السقوط فيه.
وكان فلاهيرتي يتحدث أمام لجنة برلمانية بعد ساعات من تكرار البنك المركزي الكندي توقعات بأن أوروبا ستدخل في ركود قصير.
وقال فلاهيرتي: تمر أوروبا بوقت بالغ الصعوبة. ربما دخلت بالفعل أو بصدد الدخول في ركود.
تبديد الشكوك
من جانبه دعا وزير المالية الالماني فولغانغ شويبل اليونان أمس الى تبديد الشكوك في اسرع وقت ممكن حول الطريق التي ترغب في سلوكها بعد الاعلان عن اجراء استفتاء حول خطة المساعدة الاوروبية للبلاد.
وقال الوزير الالماني في مقابلة مع صحيفة هامبورغر ابندبالت المحلية ان الخطة التي تقررت الاسبوع الماضي في بروكسل تتضمن عناصر اساسية لخطة مساعدة ثانية لليونان. نعتقد ان اليونان تدرك مسؤولياتها وستلتزم بالقرارات المشتركة المتخذة بالاجماع.
واضاف سيكون من المفيد تبديد الشكوك في اسرع وقت ممكن حول الطريق التي تنوي اليونان سلوكها.