التعامل مع شرور التضخم المصحوب بالركود
في الأعوام الثلاثة الماضية تأرجح العالم الغني بصورة غير مريحة بين شرور الركود والتضخم. والآن بدأ الشعور بكليهما في الوقت نفسه.
ورغم أن التعافي كان أكثر ضحالة مما حدث في حالات الركود الماضية، إلا أنه في سبيله إلى التضاؤل. وهذا الأمر ملحوظ في الولايات المتحدة التي رسمت فيها مجموعة كبيرة من الإحصائيات الاقتصادية هذا الأسبوع صورة آخذة في الضعف. وكثير من المؤشرات الآن في الاتجاه الخطأ: متوسط الأجور بالساعة في انخفاض، وكذلك هي حال أسعار المنازل، في حين أن البطالة في ازدياد. وهذا يعكس كلاً من نهاية التحفيز المالي – الإنفاق الحكومي في انخفاض – ومزيداً من الحذر في القطاع الخاص. وهناك تباطؤ في إنفاق المستهلكين والشركات.
في هذه الأثناء القصة في المملكة المتحدة ليست أقل تثبيطاً. فقد ضعفت الآمال في أن تساعد الصناعة التحويلية في قيادة التحسن في القطاع الخاص، مع الكشف هذا الأسبوع عن أن هناك ركوداً في سجلات الطلبيات بعد انتعاش قصير جداً حدث خلال عملية إعادة ملء المخزون بعد الأزمة.
هذه الهشاشة تؤكد مدى طول فترة وعدم اليقين الذي يحتمل أن يتصف به هذا التعافي، مقارنة بحالات التعافي الماضية. وليس من المفاجئ أن يكون الأمر على هذا النحو، فمع الانخفاض الكبير في المداخيل الأسرية للمستهلكين في البلدان الغنية، من المنطقي بالنسبة إليهم أن يخفضوا الاستهلاك. والمشكلة هنا هي أن هذا يشكل عبئاً خاصة على البلدان التي تعتمد تاريخياً بشكل كبير على الطلب الاستهلاكي لتحقيق النمو.
بالطبع، ليست جميع البلدان في القارب نفسه. مثلا، توسعت ألمانيا بشكل أسرع بسبب نجاحها في خدمة طلب آسيا القوي على البضائع الرأسمالية، لكن إمكانية استمرار هذا الوضع تعتمد على عافية الاقتصادات الناشئة. فمن دون فائدة قوة النمو الصيني، سيكون وضع ألمانيا أشبه بوضع نظرائها من البلدان الغربية الأسوأ حالاً منها.
إن اجتماع عاملي التضخم المصحوب بركود اقتصادي والتضخم الذي يتجاوز المعدلات المستهدفة، يعمل ضد رغبة صانعي السياسات، المتمثلة في البدء بتطبيع السياسة النقدية بعد فترة طويلة من التراخي غير المعتاد. ففي الأشهر الأخيرة، أصبح البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكثر صراحة في التعبير عن رغبتهما في رفع أسعار الفائدة.
يجب أن تتم مقاومة هذا الإغراء. إن مشكلة التضخم في الغرب تنبع من الطلب القوي من محطات توليد الطاقة الكهربائية الصناعية الجديدة في آسيا. ويجب أن يعطي هذا الأملَ في أن جرعة معتدلة من التضخم المصحوب بركود اقتصادي هي ببساطة عرَض مؤقت لتحول اقتصادي لا مفر منه. ولذلك خفض التضخم المحلي للتعويض عنه سيؤدي إلى عكس النتائج المرجوة.
في الأوقات غير العادية ينبغي أن يكون صانعو السياسات قادرين على موازنة الخطر بين التضخم والبطالة. فالسماح للأخيرة بأن ترتفع وتصبح مترسخة في وقت الضعف يمكن أن ينطوي على خطر زيادة تصلب الشرايين الاقتصادية.
إن الخطر الحقيقي الآن هو حدوث ركود عميق للغاية وليس حدوث التضخم. لذا، هذا الوقت غير مناسب للتشدد.