مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي يلاقي التوقعات, وقطاع العمالة يسعى للاستقرار, وقطاع المنازل يأتي ببيانات مبهرة
صدر عن الاقتصاد الأمريكي عزيزي القارئ مؤشر أسعار المنتجين عن شهر آذار ليشير إلى أن مستويات التضخم تعد تحت السيطرة على الصعيدين الشهري والسنوي، وهذا ما أشار له البنك الفدرالي في قرار اللجنة الفدرالية السابق بخصوص أسعار الفائدة، والتي قررت فيها إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير بين 0.0 – 0.25%.
حيث ارتفع مؤشر أسعار المنتجين خلال آذار بنسبة 0.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.6% وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.5%، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفع المؤشر بنسبة 6.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4.4% ومتوافقا مع التوقعات، هذا بإضافة إلى أن مؤشر أسعار المنتجين الجوهري ذلك المستثنى منه أسعار الغذاء والطاقة ثبت بتوافق مع التوقعات عند القراءة السابقة التي بلغت 0.1%، بينما على الصعيد السنوي فقد ارتفع المؤشر بنسبة 0.9% مقابل 1.0% وملاقيا التوقعات أيضا.
إذ أشارت المؤشرات الفرعية في تقرير أسعار المنتجين أن أسعار الوقود ارتفعت خلال آذار بنسبة 2.1% مقابل -7.4% كارتفاع، بينما ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 0.9% مقابل -0.7%، مع العلم أن أسعار السلع الاستهلاكية تمثل ما نسبته 73.79% من المؤشر الرئيسي، إلا أن ارتفاع أسعار الطاقة أثر على سعة الطاقة الانتاجية والتي اثرت على مستويات الإنفاق خلال شهر آذار، مع العلم أن معدلات البطالة لا تزال عند المستوى الأعلى لها منذ 26 عام إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني والتي تثقل كاهل مستويات الإنفاق مهددة قابلية الاقتصاد الأكبر في العالم على التعافي، لهذا من المتوقع أن يكمل الاقتصاد مسيرته نحو التعافي بوتيرة معتدلة قبل أن يصل إلى مرحلة النمو على المدى البعيد.
ومن خلال التقرير الصادر اليوم فإن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة، حيث أشار البنك الفدرالي إلى ان برنامج السندات المدعومة بالرهونات العقارية وبرنامج شراء ديون الوكالات يمران في مرحلة التلاشي، إذ أن البنك الفدرالي ارتأى ان مرحلة التعافي ستكون "معتدلة وتدريجية" خلال الفترة القادمة، إلا ان اللجنة الفدرالية ستواصل اتباعها السياسة النقدية نفسها لضمان تعافي الاقتصاد وتحقيق استقرار الاسعار.
كما أن تقرير أسعار المنتجين أشار إلى ان المؤشر لا يزال بعيدا عن مستويات الهدف التي وضعها البنك الفدرالي بخصوص مستويات التضخم عند 2.0%، وبالتالي فإن تهديدات التضخم تقلصت نوعا ما، الامر الذي قد يقود المستثمرين إلى التوجه مجددا إلى سوق الأسهم والعملات ذات العائد الأدنى، متجنبين الذهب والذي يعد السلعة الأمثل تحوطا ضد التضخم، حيث أنه بتلاشي التهديدات التضخمية بعض الشيء فإن المستثمرين سيفقدون شهيتهم للمعدن الأصفر وسط ارتفاع نظيره العكسي أيضا، الدولار الأمريكي.
إلا أن المستثمرين يعيشون في الوقت الراهن حالة من الترقب للنتائج التي يفصح عنها كبرى وأضخم الشركات الأمريكية، وسينصب التركيز على النتائج عقب الدلائل التي ظهرت بأن مستويات التضخم لا تشكل اية تهديدات خلال الفترة الحالية، وبالتالي فإن التباين في التداولات أمر متوقع، كما من المحتمل أن ترتفع المؤشرات الأمريكية كنتيجة لنتائج أفضل من المتوقع من قبل الشركات الأمريكية والتي تميزت بأداء مبهر خلال الربع الأول من هذا العام حتى الآن وذلك ما جاءت به الشركات خلال اليومين الماضيين، وهذا أيضا ما يظهر في ارتفاع المؤشرات خلال التعاملات الآجلة.
وبالحديث عن قطاع العمالة الأمريكي، وكما عودتنا وزارة العمل الأمريكية أسبوعيا فقد صدر تقرير طلبات الإعانة الأمريكية للأسبوع المنتهي في السابع عشر من نيسان لتشير إلى انخفاض الطلبات إلى 456 ألف طلب مقارنة بالقراءة التي بلغت 484 ألف طلب والتي تم تعديلها إلى 480 ألف طلب ولكن بأعلى من التوقعات التي بلغت 450 ألف، بينما انخفضت طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في العاشر من نيسان إلى 4646 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 4686 ألف طلب ولكن أيضا بأعلى من التوقعات التي استقرت عند 4600 ألف طلب.
وعلى ما يبدو وأن قطاع العمالة الأمريكي لا يزال يبحث عن مفتاح الاستقرار وسط الأوضاع الاقتصادية الراهنة، واضعين بالاعتبار أن طلبات الإعانة شهدت تباينا خلال الفترة الأخيرة نظرا لاختلاط الثقة بالتطلعات الاقتصادية وبالتالي فإن معدلات توظيف أعداد جديدة لا تزال ضمن مستويات متدنية، وذلك على الرغم من الخطط التحفيزية الضخمة التي تبنتها الحكومة الأمريكية سعيا منها في تحريك عجلة التوظيف من جديد.
إضافة إلى ذلك فقد جاء قطاع المنازل الأمريكي ببيانات مبهرة خلال شهر آذار، حيث ارتفعت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 6.8% أو بمقدار سنوي يصل إلى 5.35 مليون وحدة سكنية مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.6% أو 5.02 مليون وحدة سكنية والتي تم تعديلها إلى -0.8% أو 5.01 مليون وحدة سكنية على التوالي، وأيضا متفوقة على التوقعات التي بلغت -0.2% أو 5.29 مليون وحدة سكنية.
مشيرين بالمقابل إلى أن تأثير معدلات البطالة وأوضاع التشديد الائتماني لا يزال الضاغط الأكبر على نشاطات القطاع، ناهيك عن ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، حيث أن التوقعات تشير إلى أن أكثر من 3.0 مليون وحدة سكنية سيوضعون تحت خانة البيع، وذلك نظرا لفشل الكثير من المستهلكين في سداد أقساطهم.
وذلك مع العلم أن قطاع المنازل الأمريكي وصل إلى مرحلة ركود خلال الفترة الماضية التي تعد الأسوأ منذ عقود، إلا أن تقدم الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة أسهمت في تلاشي هذه الضغوطات بعض الشيء لتساعد القطاع في انتشال وضعه مكملا سيره نحو التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم.