ما الدولة العضو في مجموعة البلدان الصناعية السبعة ذات الدخل العالي التي سجلت أكبر زيادة في معدل الدخل الحقيقي للفرد على مدى السنوات العشرين الماضية؟ الجواب، وفقاً لقاعدة بيانات ''مجلس المؤتمر'' Conference Board الخاصة بالناتج المحلي الإجمالي، هي بريطانيا.
لكن السؤال المهم هو ما إذا كان من الممكن أن يكون هذا الأداء مستداماً كذلك. هل من الضروري أن تأتي علينا 20 سنة من السنوات العجاف في أعقاب 20 من السنوات السمان نسبياً؟
جواب الحكومة البريطانية هو: نعم ولا. لم يكن النمو مستداماً، لكن ليس هناك داع لأن يصاب الاقتصاد بالركود.
وفقاً لخطة الحكومة للنمو، التي قُدِّمت مع ميزانية هذا الأسبوع، اتسم أداء بريطانيا بتراكمات مفرطة من الديون، وارتفاعات غير قابلة للاستدامة في أسعار المساكن، وحالات عجز غير متناسبة في المالية العامة، واستثمار غير مناسب من جانب الشركات. وارتفعت حصة القطاع المالي من الناتج المحلي الإجمالي من 6.5 في المائة في عام 1997 لتصل إلى 8.5 في المائة في عام 2007، في حين أن حصة قطاع التصنيع هبطت من 20 في المائة إلى 12.5 في المائة خلال تلك الفترة. فضلاً عن ذلك، تجادل الخطة بأن الاقتصاد كان باستمرار يخضع إلى مزيد من التنظيم، وكان النظام الضريبي يتسم بصورة متزايدة بالتعقيد وانعدام الكفاءة.
هذه حجة تدعو إلى محاكمة حكومة العمال السابقة وليست تقييما متوازناً. الأمر المفقود في هذا المقام هو تقدير المدى الذي كانت فيه هذه العمليات مدفوعة بقوى السوق، أي دخول الأموال من الخارج والربحية العالية للقطاع المالي، وبالتالي القيمة العالية للجنيه الاسترليني والضغط على التصنيع. لا شك لديّ في أنه لو كانت حكومة المحافظين هي الموجودة في السلطة (في ذلك الحين) لكانت ارتكبت بعضاً من هذه الأخطاء نفسها.
مع ذلك، تحالف الديمقراطيين والأحرار محق ، بصرف النظر عن السبب، في أن بعضاً من هذا النمو السابق على الأزمة لم يكن قابلاً للاستدامة. فضلاً عن ذلك، الأزمة المالية بما خلفته من حالات عجز في المالية العامة تجعل عدم القابلية للاستدامة أكبر من ذي قبل. وتتمثل استجابة الحكومة في المجادلة بأن من الممكن تجنب الركود في الأجل القصير من خلال التركيز على حوافز العرض بدلاً من التركيز على مساندة الطلب من خلال المالية العامة. وهذا ليس بالأمر غير المنطقي تماماً. إذ ربما تعمل السياسات الصحيحة على زيادة الإنفاق على الاستثمار، مثلا. ويمكن أن يجادل بعضهم بأن إزالة حالات العجز الهائل من شأنها تعزيز الاستهلاك بصورة مباشرة. لكن موقف الحكومة يقوم في جوهره على أنه لا يوجد بديل عن الاقتصاد الشديد في النفقات، وأن أي شيء آخر يمكن أن يكون حتى أسوأ من ذلك.
لا نريد أن نلوك هذه الحجة. هل ستؤدي السياسات القائمة على زيادة الأموال المتوافرة للاستثمار، على الأقل، إلى زيادة النمو الكامن في الأجل الطويل؟ الجواب هو: ربما إلى حد متواضع. كل حكومة، بما في ذلك الحكومة السابقة، كانت تبرر سياساتها بالفكرة القائلة إنها سترفع النمو. لكن النمو عملية معقدة، تحكمها قوى تاريخية عميقة. وهي عملية من الصعب تماماً أن يتم التلاعب بها، خصوصاً في بلدان الدخل العالي، حيث من المسلم به أن الفرص السهلة يتم استغلالها أصلاً. وعلينا أن نكون مرتابين تماماً في أية طروحات تشير إلى العكس.
إلى أي مدى تبدو أجندة التحالف معقولة؟ أهدافها الرحبة هي أن تجعل النظام الضريبي أكثر الأنظمة تنافسية في مجموعة العشرين من الاقتصادات الرئيسية، وأن تجعل بريطانيا واحدة من أفضل الأماكن في أوروبا لبدء وتمويل وتنمية الشركات، وتشجيع الاستثمار والصادرات، وإنشاء قوة عاملة أكثر تعليماً ومرونة. هذه أهداف معقولة. وإلى جانب ذلك، فإن عدداً من المبادرات المعقولة يتم تقديمها من خلال هذه المبادئ.
بطبيعة الحال، التغيرات السهلة هي تلك التغيرات التي نرى الحكومة فيها تبتعد عن الطريق، من خلال تقليص القوانين التنظيمية، وتخفيض وتبسيط الضرائب، وإزالة العوائق التي يخلقها نظام التخطيط، وما إلى ذلك. لكن بعضاً من كل ذلك يتطلب إجراءات إيجابية من قبل الحكومة. من الصعب تماماً أن نشعر بالتفاؤل إزاء قدرة الحكومة على الحصول على هذه الأمور بالشكل الصحيح. إن بريطانيا تواجه فترة عصيبة طويلة. هذا هو الواقع المؤلم الكئيب.