خاص: شركات الفوركس تعاني من عمليات المراجحة في أسواق الشرق الأقصى نتيجة سوء استخدام أرصدة البونص من قبل المتداولين
تضم منطقة أسيا والمحيط الهادئ مجموعة من اكثر الأسواق المالية الأكثر نشاطا على مستوى العالم دون أن يكون سوق الفوركس استثناءا من ذلك. بالطبع فان اليابان تمثل مركز الثقل الرئيسي في هذه المنطقة حيث تمكنت شركات الوساطة اليابانية, والتي أسست قبل سنوات قليلة, من أن تستحوذ اليوم على ما يتراوح ما بين 35 إلى 40% من إجمالي حجم تداولات سوق الفوركس بالتجزئة على مستوى العالم, وان كان هذا لا ينفي حقيقة أن أسواق أخرى في المنطقة لديها ما يكفي من القوة كي تكون حاضرة بذاتها.
وبينما تعتبر اليابان سوقا كبيرة ومتطورة بالنسبة لصناعة الفوركس مع وجود العديد من شركات الوساطة الكبرى التي توفر خدماتها المتميزة للعملاء المحلين, إلا أن هذا لم ينل من عزيمة الوسطاء الغربيون والذين بدءوا يسعون في الحصول على نصيب من قاعدة العملاء في العديد من أسواق المنطقة وذلك عبر عقد اتفاقيات شراكة مع الوسطاء المعرفين المحليين فضلا عن تأسيس مكاتب لها خصوصا في هونج كونج وسنغافورة و استراليا
خلية من نشاط الأسواق المالية
من السهل على أي شخص أن يلحظ عوامل الجذب التي تمتلكها هذه الأسواق بالنظر إنها تمثل اقتصاديات متطورة وأسواق مالية نشطة تحوي بالتبعية العديد من المتداولين الحاصلين على معرفة وخبرة كافية, كما يمكن أن نضيف إلى ذلك نجاح هذه الأسواق في تجنب الأزمات المالية الكبرى التي عانى منها الاقتصاد الغربي فضلا عن تفوقها في جانب التطور التقني بالمقارنة مع بعض أجزاء أوربا والشرق الأوسط. عوامل الجذب لم تنتهي ويمكن أن نضيف إلى ما سبق عدم تعقد الإجراءات التنظيمية في غالبية تلك الأسواق حيث لا تفرض اشتراطات مكلفة مثل وضع متطلبات مرتفعة لكفاية رأس المال كما هو الحال في الولايات المتحدة.
المراجحة أم ميزة تداول حقيقية؟
وفق لمصادر فوركس ماجنتيس الخاصة فان هناك العديد من شركات الفوركس الجديدة التي تأسست مؤخرا في هذه المنطقة نجحت في تحقيق نجاح كبير فيما يتعلق بقدرتها على اجتذاب عملاء من بعض الأسواق خصوصا في فيتنام والصين واندونيسيا.
عوامل نجاح هذه الشركات يعزى بشكل رئيسي إلى بعض الحملات الترويجية الخاصة والتي ركزت بشكل أساسي على منح العملاء أرصدة بونص.
بصفة عامة فان أرصدة البونص في بعض الحالات تعادل نسبة كبيرة من ودائع العملاء حيث يحصلون على نسب تراوح ما بين 50 إلى 100% من قيمة إيداعاتهم. مصادر فوركس ماجنتيس, والتي فضلت عدم الكشف عن هويتها, أوضحت الأمر بالقول:" يستفيد الوسيط عادة من أموال البونص التي يمنحها من خلال رفع اشتراطات حجم التداولات التي يتعين على العميل القيام بها ليتمكن من سحب البونص أو الأرباح, بينما يقوم البعض الأخر بتشغيل غرفة تداول, كما في حالة صانعي السوق, وفي اغلب الأحوال كما هو معروف يخسر العميل إيداعه مع البونص. برغم ذلك فان هذا المستوى المرتفع من البونص في رأيي الشخصي بدأ يحمل مخاطر كبيرة لصناعة التجزئة بأكملها".
المصدر استطرد قائلا أن أرصدة البونص بدأت تلعب دورا عكسيا نتيجة بعض الممارسات في الآونة الأخيرة حيث أصبحت تحمل مخاطر جمة بالنسبة للوسيط بذات القدر الذي بات بإمكان المتداول فيه أن يحقق أرباحا من البونص عن طريق عمليات المراجحة.
دعنا نضرب مثالا على ذلك:" إذا قام عميل جديد بفتح حساب مع احد الوسطاء وحساب ثاني مع وسيط آخر ثم قام بإيداع 10,000$ في كل حساب وبالتبعية تلقي بونص أيضا بنفس القيمة في كلا الحسابين. يمكن للمتداول في هذه الحالة أن يدخل في مركز لونج على الذهب ( أو أي أصل آخر ) باستخدام رافعة مالية 1: 400 مع الوسيط الأول بينما يقوم بعكس هذه المعاملة وبنفس الشروط مع الوسيط الثاني, أي يقوم بفتح مركز شورت مساوي. الخطوة التالية هي عندما تصل خسارة الحساب الخاسر 20,000$ حيث يقوم المتداول عندها بإغلاق مركز التداول الرابح. بعد ذلك يكون بإمكانه سحب مبلغ الأرباح المقدر بـ 20,000$ بالإضافة إلى إيداعه المبدئي مع الوسيط الأول ومحصلة كل ذلك ستتمثل في ربح بقيمة 10,000$ بالنسبة للمتداول, وبلا أي مخاطرة, بعد خصم المبلغ الذي خسره لدي الوسيط الثاني." هذا هو ما يعرف بالمراجحة, وفى اغلب الأحوال, ثم إذا كان الوسيط لديه مكتب تداول ويقع ضمن فئة صانعي السوق, فانه سيكون بإمكانه ملاحظة هذه الظاهرة بكل وضوح ويكتشف حدوث مراجحة, وهو ما قد يدفعه في بعض الحالات إلى إلغاء كافة الصفقات الرابحة.
برغم ذلك فان هذا السلوك قد يكون سلاح ذوى حدين في يد المتداول خصوصا إذا ما أوقع حظه العاثر للتعامل مع احد صانعي السوق وقرر هذا الأخير ألا يقوم بإرسال أوامره إلى السوق الحقيقي ومن ثم يمنعه من إتمام عملية المراجحة, بل في بعض الحالات كما ذكر قد يقدم هذا الوسيط على إلغاء كافة صفقات العميل متذرعا ببعض الحجج الواهية.
المصدر الذي استند عليه فوركس ماجنتيس شرح هذه النقطة بالقول أن هذا السيناريو يمكن أن يحدث فقط في الأسواق ذات البنية التنظيمية الضعيفة, لان قيام الوسيط بمثل هذه الممارسة عن طريق السعي لجذب العملاء إلى سوق كاذبة, سيدفع سلطات التنظيم في الأسواق المتقدمة مثل استراليا في الأغلب إلى التحرك على الفور واتخاذ إجراء ضد هذا الوسيط حتى ولو لم يتقدم المتداول بشكوى ضد الشركة. وبمناسبة ذكر استراليا فان هيئة ASIC تعتبر واحدة من أكثر هيئات الرقابة والتنظيم نشاطا وفعالية في هذا المجال حيث تقوم بتوظيف عدد من أنظمة المراقبة المتقدمة والتي تقوم برصد كافة أنشطة شركات الوساطة المالية وهى في هذا الصدد لا تتوقف عن تطوير وتعزيز قدرتها في الإشراف على سوق الفوركس.
وجهة نظر الوسطاء المعرفين
بالنسبة للشركات الغربية التي تسعي إلى دخول أسواق الشرق الأقصى, فقد بات من الممارسات الشائعة أن تستخدم وكلاء محلين على شاكلة الوسطاء المعرفين كمنفذ للدخول إلى هذا السوق من خلال حلول البطاقة البيضاء والتي يجري وفق لها تقاسم الإيرادات
احد ممثلي هذه الشركات, وهى شركة صينية تعمل كأحد وكلاء البطاقة البيضاء لوسيط استرالي, شرح الأمر من وجهة نظره كوسيط معرف قائلا" لست متأكدا إذا ما كانت هذه الممارسة قانونية أم لا فهي مجرد لعبة على مستويات الهامش بهدف القيام بعملية مراجحة. بالنسبة لي فلم أرى هذا الموقف يحدث أمامي عمليا في الشركة التي أمثلها ولكن في كل الأحوال أنا متأكد من حدوثه خصوصا وان الأمر لا يتطلب سوى بعض العمليات الحسابية البسيطة."
" وأيضا بالنسبة لي كمتداول يدير محفظته الاستثمارية فإنني لا أؤمن قط بفكرة البونص التي يقدمها ممثلي مندوبي المبيعات. كما انه من وجهة نظري كوسيط معرف لا افهم كيف يساعد استخدام مثل هذه التكتيكات إلى زيادة المبيعات ما لم يكون المتداولون يستخدمونها للقيام بالمراجحة, أو إذا كان الوسيط لا يقوم بإرسال الصفقات إلى السوق".
هذا المصدر الخبير أضاف قائلا" من ناحية أخرى فإذا ما تحول بعض الوسطاء إلى ضحايا لهذه الممارسات وأدت في بعض الحالات إلى إفلاسهم, بل وربما تمتد خسائرهم إلى أموال العملاء ذاتها, فان هذا الأمر سوف يضر بسمعة الصناعة بكاملها في الأسواق الأسيوية المذكورة.
من الواضح أن هذا الموضوع يعتبر قضية بالغة الحساسية وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة في رفض العديد من المصادر التي شاركت في هذا البحث الكشف عن هويتها. وفى كل الأحوال. فان فوركس ماجنتيس ستواصل أبحاثها في هذه النقطة خصوصا إذا ما اتخذ هذا النمط اتجاها متصاعدا في الصناعة.